الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نتجلَّى لنَصْنع كُتباً

آمنت بأنه لا يمكن للوقت أن يمضي دون أن أستفيد منه، لا يمكن لهذا اليوم أن يمضي من دون أن أتزود مما فيه من أفكار واستلذ من عجائبه، كانت السيارة دائماً هي البطل الحقيقي في تحقيق الكثير من نجاحاتي الأدبية، لقد استطعت أن أنهي كتابي "قبيلة تدعى سارة" و "إنما أنت حبيبها"، وأنا أجلس في المقعد الخلفي، كنت حينها لازلت أدرس في جامعة البحرينK وكان الوقت الذي أستغرقه للوصول إلى الجامعة ما بين 50 إلى 60 دقيقة، وكنت أشعر بالفزع من أن تذهب مثل هذه الدقائق هباءً منثوراً، وحينها قررت أن أكتب في نهاية كل يوم عن مشاعري المبهرة، وعن الشذرات واللحظات، إلى جانب انطباعاتي الأولى نحو كل شيء يصادفني، فأنا صاحبة الدهشة، تلك الشخصية التي تظن أن كل شيء في الوجود يستحق الوقوف أمامه والحديث عنه، ولهذا كانت حياتي مرتبطة دائمًا بجهاز الكمبيوتر.
استطعت أن أؤلف كتابين بسبب هذا الوقت المستقطع، كيف يمكن أن يقودك الفراغ الذي لم تكن تتنبه له إلى أن تصنع كتباً، أن يقرأها الجمهور، وتشعر بتلك السعادة بأنك على الأقل لم تترك وقتك هدرًا للفضاء، الحقيقة أنك استطعت أن تستثمر كل ما كان يجول بداخل رأسك، وأن تستفيد من الوقت المهدر بالنسبة للجميع.
حتى بعد أن جربت أن أكون أمام المقود، لم أتخل عن فكرة الاستفادة من وجودي في السيارة، كنت قد اشتركت في برنامج الكتاب الصوتي، وفي تلك اللحظة التي أبدأ بها فيها الاستماع إلى كتاب جديد، تنهمر دموعي، تنتابني مشاعر مفخخة، تلك السعادة التي لا يمكن لي وصفها، ألا وهو التجلي نحو الكلمة والمعرفة.