الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

رسالة الإمارات.. وحماية الديانات الإبراهيمية

قبل يومين، حضرتُ حدثاً مهماً في مدينة نيويورك، حيث قمنا بالإعلان عن تشييد ثلاثة مبانٍ متميزة تختلف عن مثيلاتها من المباني الأخرى، لأنها ستكون عبارة عن مسجد وكنيسة وكنيس.

وقد ظهر خلال عرض الفيديو التقديمي ومجسم المباني التي شاهدناها أن كل مبنى منها يُشبه المباني الأخرى في مظهره، ويختلف عنها في استخدامه، فهي مكونة من هياكل ضخمة أنيقة تختلف في مظهرها عن المباني الدينية التقليدية، وستقف أبراج المباني الثلاثة شامخة على ظهر منصة ستُشيّد عليها، في موقع ليس بالبعيد عن متحف اللوفر الذي يحتل موقعاً بارزاً في إمارة أبوظبي.

ويتماشى هذا الإعلان مع المبادئ المُعلَنة لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعمها لمبدأ التسامح وقبول الآخَر.. يا له من بيان جريء وجميل يُظهِر مدى التزامنا بحماية حق الجميع في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة.


كما أننا في هذه الحالة نحمي حقوق أبناء الديانات الإبراهيمية، نظراً لأن كل هذه الديانات، سواء الإسلامية منها أو المسيحية أو اليهودية، قد انبثقت من مصدر واحد، وتشترك في الدعوة إلى الإيمان بإلهٍ واحد، فمن الجدير الاحتفاء بهذا الإرث المشترك للديانات الإبراهيمية.


وكما يعلم الكثير منا، فإنه يوجد عدد كبير من أتباع الديانات الأخرى ضمن سكان الإمارات، وهم يمارسون حقهم في العبادة بحرية، فمنذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة وبفضل القيادة الحكيمة للأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد كانت الإمارات دائماً مكاناً تُحتَرم فيه المعتقدات الدينية للجميع، وكان بمقدور أتباع أي ديانة من الديانات أن يقوموا ببناء أو تخصيص مكان يجتمعون فيه ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية تامة.

وبالطبع، فإن الشيءَ المختلف هنا في هذا الإعلان هو إيجاد معبد يهودي يتيح للجالية اليهودية المقيمة في الإمارات الالتقاء وممارسة شعائرهم الدينية بالطريقة التي يرونها مناسبة.

هل يوجد من سيعترض؟ ربما نعم، فقد أدى الصراع مع إسرائيل، على مدى العقود الماضية إلى ظهور مواقف مختلفة تجاه اليهود والديانة اليهودية، وعلى الرغم من ذلك، فقد تربينا كلنا على ثقافة احترام «أهل الكتاب»، وربما إذا ما تم تخصيص مكان لليهود لممارسة شعائرهم الدينية، فإن ذلك لن يؤثر علينا أو يقلل من شأننا كمسلمين بأي شكل من الأشكال، ولن يهدد قيمنا الإيمانية، كما أنه لن يزعزع ثقتنا بمعتقداتنا الراسخة.

وقد يسأل البعض: هل توجد جالية يهودية في المنطقة؟ والجواب أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بوصفها مجتمعاً واقتصاداً متعدد الثقافات والجنسيات، لا تميز بين سكانها على أسس دينية، فقد نَمَت على مر السنين جالية يهودية صغيرة في الأعمال والمراكز التجارية.

إنني أرحب بهذا الإعلان وأحتفي به، وأعتقد أن مجتمع الإمارات العربية المتحدة سيصبح أكثر قوة من خلال ضمان حق جميع أبناء الأديان في ممارسة شعائرهم الدينية بسلام وحرية.