الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الطب الفيزيائي.. واندماج الإنسان بالكون

تشهد جميع الرسوم والمنحوتات على جدران الكهوف الحجرية قبل آلاف السنين أن أول ما تداوى به الإنسان كان الطاقة الفيزيائية، من ذلك أشعة الشمس والمياه وأنواع من الحجارة المغناطيسية.

من ناحية أخرى، ارتبط الطب الفيزيائي بكثير من الطقوس والقصص التراثية للحضارات القديمة، حتى إن بعض الأساطير تروي لنا أن كثيراً من الملوك والقادة والرهبان قد شفوا بسحر بعض مكونات الطبيعة المادية الملموسة لديهم مثل: الجبال والمياه.

وفي القرآن الكريم يوجه الله سبحانه وتعالى سيدنا أيوب ــ عليه السلام ـ إلى التّداوي بالماء بعد أن عجز جميع الأطباء عن علاجه.


هنالك وحدة ودمج بين الإنسان والفيزياء، فأصل خلق الإنسان ووجوده كان فعلاً فيزيائياً مختصراً في كلمة الله سبحانه وتعالى (كن)، واستمرارية حياة الإنسان أيضاً عمل فيزيائي يقوم فيه الحيوان المنوي لجدار البويضة يحفزها على التخصيب والانقسام، وكذلك مكونات الإنسان في الأصل هي من مكونات مواد الكون، وبالتالي لا بد أن تكون له بالضرورة تفاعلات مع مواد الكون الأخرى، وهذا كان اعتقاد أطباء الحضارة اليونانية القديمة، أبو قراط مثلاً ومن بعده جالينوس قبل 460 قبل الميلاد.


ويذهب البعض إلى اعتبار ليوناردو دافنشي الأب الروحي للطب الفيزيائي، وقد اهتم بفلسفته ودرس ميكانيكيا حركة جسم الإنسان وتطبيقاته الفيزيائية العلاجية، وفي العصر الحديث تم إحياء الطب الفيزيائي والاهتمام به كونه أحد أضلاع مثلث الطب مع الطب الكيميائي والطب الجراحي.

لقد كان افتتاح أول كلية لدراسة الطب الفيزيائي عام 1913 في جامعة أوتاجو فى نيوزيلاندا، ثم تم افتتاح كليه ريل في بورتلاند بالولايات المتحدة الأمريكية 1914، وكانت أول الأبحاث العلمية في الطب الفيزيائي عام 1921.

الملاحظ، أن الاهتمام بالطب الفيزيائي قد زاد بعد الحرب العالمية الثانية لعدة أسباب، منها: فقدان الثقة بالأطباء والمشافي وشركات الأدوية، التي كانت تستغل معاناة المرضى والعجزة وتحولهم إلى سلعة، وكذلك فقدان الرقابة من أجهزة الدولة على صناعه الدواء وأسعاره المرتفعة.

لقد تطور الطب الفيزيائي خلال الأربعين سنة الأخير نتيجة الاهتمام الطبي الأكاديمي والأبحاث العلمية الممولة من كثير من المنظمات الطبية العالمية، وهذا ساعد المرضى في إيجاد الكثير من الاختيارات والحلول العلاجية الفيزيائية، كما ساعد المعالج الفيزيائي في الوصول إلى أهدافه مع المرض والمريض بطرق طبية أسرع وأكثر جودة.