الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«غور الأردن».. وصراع وجود

لا تزال إسرائيل تؤمن بأنّ الصراع مع العرب والمسلمين وجودي نافٍ للذات، بمعنى نفي حق الآخر في الوجود الإنساني والديني والتاريخي والمكاني والمستقبلي، وبالتالي فهو صراع إحلالي يستهدف وراثة الآخر تماماً بعد استهداف وجوده على الأرض وإزاحته جسدياً، وهو يتسلح بالأسلحة الدينية والفكرية والتاريخية والعنصرية والإثنية والأساطيرية والعسكرية والاستراتيجة والاقتصادية وغيرها.

بينما على الجهة الأخرى تغيّرت نظرة بعض العرب والمسلمين اليوم لهذا الصراع، حيث ينظّر البعض إليه على أنّه تنافس قابل للتعايش، بل وللتعاون، ويحاولون إقناعنا بإمكانية تجاور المشروعين وربما تآلفهما - بعد أن كان الشعار السابق صراع وجود لا صراع حدود -، وهذا تحريف للتاريخ ولقوانينه وإنكار للحقائق وخداع للنفس وتسليم للأرض والإنسان والمستقبل على طبق من ذهب للآخر، والمفارقة الغريبة والصادمة أنّ الآخر الإسرائيلي يعلن جهاراً نهاراً، وكل يوم أنّ صراعه معنا وجودي وحتمي ومصيري وعقائدي.

وكما قيل لا يمكن للنمر أن يغيّر جلده المرقط، فقد قرر نتنياهو قضم غور الأردن وشمال البحر الميت وأريحا بعد قراره ضم الجولان، ونقل السفارة الأمريكية للقدس ويهودية دولة «إسرائيل».


والسؤال: ماذا بعد غور الأردن؟، إن الواضح أنه سيحصل ضم لمدينة الخليل، حيث تتواجد البؤر والتجمعات الاستيطانية اليهودية، وهو حال كل مدن الضفة الغربية، وبعدها مخططات إسرائيلية تتعدى الحدود الفلسطينية، حيث أراد نتنياهو من هذا القرار توجيه عدة رسائل أولها: أن القدس والخليل وأريحا ونابلس وبيت لحم عنده مثل حيفا ويافا وعكا والناصرة وطبريا، وأنها جميعاً مثل البتراء وجلعاد ومؤاب وبابل وسيناء ويثرب.


ثانيها: إنهاء لما يعرف بدولة فلسطينية مستقلة، أو أي شكل للكنفدرالية مع الأردن بعد قطع الاتصال الجغرافي بين الضفتين بضم الغور الذي يصلهما.

ثالثها: أن الأردن بديل مكاني للفلسطينيين، وأن الضفة الشرقية (أي شرق الأردن) هي جزء من إسرائيل التاريخية.

كل القرارات والخطط والمشاريع والإجراءات والاتفاقيات على أرض الواقع، ومسار الأحداث في المنطقة، تشير إلى أنّ مشروعهم قد بدأ المرحلة الثانية منه خارج حدود فلسطين، ليؤّكد لنا المحتل الإسرائيلي أن مشروعه احتلالي إحلالي توسعي وإقصائي على حساب مشروعنا، هذه هي نظرتهم للصراع الذي سميّ الصراع العربي - الإسرائيلي، فأين وكيف أصبحت نظرة عرب اليوم لهذا الصراع؟