الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أدوات الحرب في الشرق الأوسط

لقد تحول الشرق الأوسط إلى معرض تجاري للأسلحة المتطورة في ميادين المعارك الفعلية، ففي حرب الخليج عام 1991 تم التركيز على إبراز دور صواريخ توماهوك كروز على نطاق واسع في توصيف الموقف العملياتي، وكان العالم يشاهد أحدث استخداماتها المفصلة على الهواء مباشرة لأول مرة في تاريخ الجنس البشري عبر البرامج التلفزيونية المنقولة عن طريق الأقمار الصناعية.

وخلال الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق منذ عام 2001، كانت تظهر سلسلة الأنظمة الجديدة من الأسلحة بشكل متلاحق بدءاً من «العربات الطائرة من دون طيار» UAV، والتي أصبحت تُعرف باسم الطائرات المسيّرة أو «الدرونز»، إلى الأنواع المتعددة من القنابل الخارقة للدروع، وتوّج هذا الاتجاه التطوري بظهور «قنبلة الذخائر الضخمة المتفجرة جوّاً» MOAB والتي اشتهرت فيما بعد باسم «أم القنابل»، وتتضمن 11 طناً من مادة «تي إن تي» TNT بما يجعلها أقوى قنبلة تقليدية غير ذرّية على الإطلاق.

وحتى في الحروب غير المعلنة التي تُخاض في الشرق الأوسط، تُستخدم أكثر الأسلحة تطوراً وبطرق جديدة ومن طرف لاعبين جدد، والآن، أصبحت الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة من الأدوات الرائجة للدول الصغيرة والجهات الفاعلة غير الحكومية، وأظهرت الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، في موقعي بقيق وخريص خلال الشهر الجاري، درجة الصعوبة التي آلت إليها مهمة الدفاع عن البنى التحتية الحساسة من الهجمات التي تستخدم فيها الطائرات المسيّرة الرخيصة وذات التوجيه الدقيق، وكانت هذه الطائرات قد استخدمت وطوّرت في الأصل خلال الحرب التي أطلقتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، ثم ما لبثت أن انتشرت في أيادي الطرف الآخر.


وخلال شهر مايو الماضي، قصفت إسرائيل مبنى تابعاً لحركة حماس، قيل إن هجمات إلكترونية شاملة وعمليات قرصنة إلكترونية كان يتم إعدادها فيه، ووصفت عملية القصف هذه من طرف إسرائيل على غزة بأنها الحالة الأولى من التصدي الفعّال للهجمات الإلكترونية الشاملة في تاريخ البشرية.


والمشكلة الأكثر صعوبة وأهمية في الحروب غير المعلنة في الفضاء الإلكتروني هي مشكلة «الإسناد» أو إلقاء التبعيّة، ويتضمن مفهوم «الإسناد» قدرة دولة ما على تحديد مكان العمل والعاملين على إطلاق الهجمات الإلكترونية بهدف اكتشاف الدول أو الكيانات المسؤولة عنها.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر القدرات وأكثرها تطوراُ في مجال «الإسناد» عن طريق استخدام منشآتها وأدواتها للذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي والفضائي الإلكتروني، إلا أنها لا زالت تجد صعوبة متناهية في بعض الأحيان خلال محاولات التوصل إلى احتمال لا شك فيه في مجال «الإسناد».

ويعود السبب في ذلك إلى أن الهجمات الإلكترونية تمثل المجال المناسب لإنكارها من طرف الدول والكيانات المسؤولة عنها، والتي تطالها أكبر الشكوك بإعدادها.. وفي الماضي، تم وصف الصراع الطويل في الشرق الأوسط بأنه «حرب الاستنزاف». أما الآن، فإن بالإمكان تسميته «حرب الإسناد».