الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لماذا ارتدت أمريكا عن العولمة ؟

لقد خططت أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلى تأسيس نظام عالمي جديد أحادي الهيمنة، بمعنى إعادة صياغة وتشكيل العالم وفق الرؤى والمصالح الأمريكية، فظهر مشروعها العالمي المسمّى ( العولمة (، وهو ما جعل العالم قرية كونية بعد إلغاء كل الحواجز الجغرافية والاقتصادية والجمركية، أمام تدويل النظام الرأسمالي وتصدير النمط الثقافي الأمريكي.

وكانت عناوين حرية التجارة والأسواق العالمية وحركة الرأسمال وتدفقات الاستثمار هي بضاعتها العولمية، وكانت منظمة التجارة العالمية هي مؤسستها في ذلك، والتوقيع على اتفاقياتها هو الباب لدخول العولمة، وكان كل ذلك على حساب الدول وسيادتها.

لكن ومع وصول دونالد ترامب إلى الحكم حصل انقلاب كبير على مشروع أمريكا العولمي، فقد رفع شعار"أمريكا العظيمة"، و" أمريكا أولا " في حملته الانتخابية وطبّقه عمليا بعد استلام مهامه الرئاسية، بدءا من حمائيته المشهورة وفرض القيود والتعرفات الجمركية وقضايا المهاجرين وانتهاءً بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية، وإعادة صياغة العلاقة مع حلفائه وغيره، لكن لماذا حصل هذا الانقلاب؟، حقيقة هناك آراء كثيرة حول ذلك منها :


أولا : أنّ العولمة كانت تتناسب مع نظام أحادي القطبية، أمّا الآن فالمُقدّر أنّ هناك نظاما دوليا جديدا سوف يتشكل ستكون أمريكا والصين هم رعاته، وهي تخطط كذلك لبناء نظام مالي عالمي جديد مختلف عن السائد الذي كان مرتبطا بالعولمة.


ثانيا : أمريكا غادرت العولمة بعدما استطاعت أن تحقق منها ما تريد من أهداف ومكاسب وبعدما ورّطت بقية العالم فيها، وتطلب منهم اليوم أن يدفعوا ثمن ذلك، خصوصا وأنّها ربطت مصيرهم ومستقبلهم بأنظمتها ومؤسساتها واتفاقياتها وكان هذا هو المراد من العولمة.

ثالثا : أحد أهداف أمريكا من العولمة هو حرية الوصول إلى رؤوس الأموال العالمية الضخمة والتي كانت موجودة في عدة مناطق وقد حققت ذلك، ومثاله ما حدث في البورصات وأسواق المال والأسهم العالمية.

رابعا : استفادة بعض الدول من مرحلة العولمة، وعلى رأسها الصين بشكل فاجأ أمريكا، فكان لا بد من الارتداد عنها، خصوصا وأنّها بدأت تخسر بسببها، وحتى تتفرغ لترتيب بيتها الداخلي والصراع مع بكين.

هذه بعض أسباب تراجع أكبر دولة عالمية متبنّية للعولمة وحرية التجارة والأسواق إلى دولة قومية ترفع شعار" أمريكا أولا " وبيضاء كذلك.