الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

كيل النفوس له سعة!

يتكون الإنسان «بيولوجياً» من أعضاء ظاهرة، وأجهزة داخلية تقوم بالوظائف الحيوية، وهذا هو الجانب الملموس والمحسوس، وهناك النفس والعواطف وهي عناوين لمعانٍ مجردة، لا تُعبر عن محسوسات، بل عن دلالات معنوية نفهمها ونشعر بها، لكننا لا يمكن أن نراها أو نلمسها، وذلك لا ينفي وجودها، فهناك الحب والكره، وهناك الطيبة والخبث، وكذلك الارتياح والامتعاض، وغير ذلك الكثير من المشاعر والعواطف التي نعيشها ونعايشها، نشعر بها فتترك أثراً إيجابياً أو سلبياً.
أتساءل إن كان لدى المرء سعة معينة لمثل هذه المعنويات؟، هل لديه سعة محددة لكمية الحب التي يمكن أن يحتويها بين جوانحه؟، وهل يمكن أن يحتمل الامتعاض إلى ما لا نهاية؟، أم أن سعته لتحمّل ذلك محدودة؟

بمعنى آخر، هل النفس كالكَيلة التي يكيل بها المرء المقادير من المواد كالحليب والزيت والعسل وغيرها من السوائل، وكذلك الحبوب والبذور وغيرها من المواد الصلبة غير السائلة.

الكيل كما نعلم إن امتلأ أكثر من سعته تفيض من جوانبه مادته، فنقول حينها: طفح الكيل، بمعنى أنه امتلأ ولم يعد يتسع لما هو أكثر، فيفيض الزائد، وهناك ذلك الرجل صياد الأسود، الذي كان يحفر الحفر «الزُّبى» كي يسقط فيها الأسد ويتمكن هو من اصطياده، فعندما أمطرت السماء وملأ الماء «الزبى» أي الحُفَر، قال غاضباً: بلغ السيل الزبى، وصارت عبارته مضرب المثل، لكل من زاد عليه الضغط والضيق وبلغ مداه.


يبدو أن للنفس سعة، ويبدو أننا يجب أن نتنبه لذلك في التعامل مع أحبتنا، حتى لا يطفح كيلهم، ونخسرهم.