الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اعرفوا الخلل لتتقوا الزلل!!

لا أشعر بالملل وأنا أكرر كل لحظة مقولة الخليفة الأموي الذي كان يقول دائماً: «من ينصفنا من الرعية؟، يريدون أن نسير فيهم سيرة أبي بكر وعمر، وهم لا يسيرون فينا سيرة رعية أبي بكر وعمر نسأل الله أن ينصف كلاً من كل»، وهذا شأن العرب للأسف في كل العصور.

كل من يحاورك ويجادلك بالتي هي أسوأ دائماً يقول: كان عمر بن الخطاب كذا وكذا.. ولا بد أن يقتدي ولاة الأمر بهؤلاء، ولا أحد يطالب بأن تقتدي الشعوب برعية أبي بكر وعمر، وأذكر أيضاً في هذا المقام ذلك الحوار الراقي بين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، والمغيرة بن شعبة، رضي الله عنه، فقد بدا الغضب على عمر وهو يقول: من ينصفني من أهل الكوفة؟، إذا وليت عليهم التقي ضعفوه (أي قالوا إنه ضعيف)، وإذا وليت عليهم القوي فجروه (أي قالوا إنه فاجر)، فقال المغيرة: التقي الضعيف تقواه له وضعفه عليك، والقوي الفاجر قوته لك وفجوره عليه فوَلِّ عليهم القوي الفاجر، فقال عمر: أحسنت وأنت القوي الفاجر وقد وليتك، وظل المغيرة والياً على الكوفة حتى مات في خلافة بني أمية.

خرجت شعوب عربية كثيرة تهتف ضد حكامها: ارحل!.. ارحل!، وتوالى رحيل الرؤساء وحلّ غيرهم، ولم تنته المشاكل بل انهارت دول بالكامل، وتبين بعد فوات الأوان أن العيب ليس أبداً في السائق، ولكن الخلل في السيارة والركاب الذين يرى كل منهم أنه أفضل سائق للسيارة، ولم يبق إلا أن يخرج الشعب ليهتف ضد نفسه: ارحل!.. ارحل!، والشعب يريد إسقاط الشعب.


إنّ الشعب الذي أتى بحكامه عبر صناديق الانتخاب يريد أن يسقطهم بمظاهرة، فالخلل في الشعب الذي نصَّب حاكماً عبر الصناديق لا يصلح، الخلل في الشعوب التي اخترعت مصطلحاً لا مثيل له في العالم وهو مصطلح المعارضة المسلحة، فقد جمعت الكلمتان بين ضدين!، لأن المعارضة مصطلح سياسي، والمسلحة مصطلح عسكري إرهابي لا علاقة له بالديموقراطية ولا السياسة، وهذا المصطلح (المعارضة المسلحة) مجرد محاولة فاشلة لاختراع اسم جميل للإرهاب، والفوضى، وشهوة السلطة، والحكم بأي ثمن، ولو حكم هؤلاء أكواماً من الجثث في قبر جماعي كان يسمى في السابق الوطن، فاعرفوا الخلل، لتتقوا الزلل!!.