الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التواصل الزائف.. وصناعة الاغتراب

نحن نتواصل اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، ونتفاعل مع الأحداث حول العالم من كل المصادر، وهو أمرٌ صحّي وجزء من نموّ تجربتنا الإنسانية، إذ إن أيّ معرفةٍ حبيسة العقل تبقى خاملة ولا تضيف إلى الواقع شيئاً.

ويُفترض بالتواصل إذاً أن يضيف إلى المعرفة التراكمية دون الحاجة إلى العودة إلى المربع الأول، ويكون التواصل فعّالاً وحقيقياً حين يدفعنا إلى تفكيرٍ ونتيجة.

لكن التواصل الزائف تفاعلٌ وهمي، مضلّلٌ في سطحيته، لا يقلّب الأفكار ولا يقلّمها، ولا يهدف إلى بناء منتجٍ فكري حقيقي، وبين ما يُحدّث المرء نفسه وما يُحدّث به العالم الخارجي، نصنع معادلة الاغتراب، فلا يصبح العقل منتمياً إلى واقعه بل إلى أفكار لكنها في نظر الواقع لا واقعية، وفي نظر المجتمع لا منتمية، وفي نظر المعرفة لا جدوى منها.


هنا إما أن يتم تغييب العقل والمنطق في سبيل الانتماء إلى الواقع الحالي، فيهيم العقل معه ويشعر باللامبالاة تجاه كل شيء، أو أن ينفض العقل عنه المخاوف والأهواء للوصول إلى حالة فهم أشمل وصواب أعمّ، وفي الحالة الثانية، يتشكّل الوعي ويبقى ضمن فئات لا يمسّها الاغتراب في ظلّ تواصل قائم على نهج معرفي جاد وضمن أطر عقلانية لا تطرّف فيها.


الاغتراب بمفهوم «كارل ماركس»: «هو تجرّد المرء من إنسانيته ومنتجه ومحيطه»، ما يعني أن الاغتراب كحالة نفسية وذهنية يمكن صناعتها أو تشكيلها بأساليب معينة، وقد كان لهذه الحالة الأثر الكبير على الأدب والفن، فنقرأ ونشاهد أعمالاً موجعة بقدر روعتها، يكون فتيلها شكل من أشكال الاغتراب والفجوة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.