الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الشطرنج والبوكير في السياسة الإيرانية -الأمريكية

أظهر الهجوم الإجرامي على منشآت آرامكو لمعالجة النفط الخام ـ في الرابع عشر من سبتمبر الفائت ــ الخطر الذي يهدد الدول المنتجة للنفط في الخليج العربي، وهو يذكر البلدان المستهلكة للنفط أيضاً بمدى التهديد الذي تتعرض له حياة شعوبها بسبب اعتمادها بشكل كبير على النفط المستورد من منطقة الخليج.

وحاولت البلدان المستوردة والمستهلكة للنفط في شرق آسيا بما فيها اليابان، تجنّب مواجهة الحقيقة المؤسفة، التي تفيد بأن الحياة التي تعتمد على النفط المستورد من الخليج يمكن أن تنهار بسهولة، بالرغم من أنها كانت تحاول تجنب هذا الخطر منذ زمن بعيد، والآن، أصبح هناك شعور ضمني بعدم استدامة هذا المصدر من الطاقة.

وسرعان ما تبدّد هذا القلق في تلك البلدان عندما تصرفت السلطات السعودية بمنتهى التعقل والقدرة على ضبط النفس، ومع ذلك، بدأت تلك البلدان بإعادة النظر بجدية تامة في الأسس التي تقوم على حياة شعوبها التي باتت معرضة للتقلبات العدائية المتكررة في الخليج، وهناك الآن حاجة ماسة وعاجلة لتأسيس معاهدة عدم اعتداء إقليمي في المنطقة.


ومن المعروف أن البلدان المستهلكة للنفط في شرق آسيا بعيدة جداً عن الخليج العربي والشرق الأوسط بشكل عام، ولم تكن في أي يوم جزءاً من المشكلة أو الحل، أما الآن، فلقد باتت تدرك أنها معنيّة جداً بحلول السلام والأمن في منطقة الخليج.


وإذا ما بقي الإمداد النفطي الخليجي معرضاً لعدم الاستقرار المتكرر بسبب العداء المتبادل بين الجيران الخليجيين، فلا بد أن تأتي اللحظة التي يفقد معها جاذبيته السوقيّة، وهذه اللحظة لم تأتِ بعد، وتحاول الدول المستوردة للنفط أن تستوعب قواعد اللعبة السياسية الدائرة هناك من أجل محاولة التأقلم معها.

والآن، تسعى كل من الولايات المتحدة وإيران للتوصل إلى حل للأزمة المستعصية القائمة بينهما، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أنهما تلعبان اللعبة السياسية استناداً إلى قواعد مختلفة تماماً، وكثيراً ما يتردد بأن إيران تمارس لعبة الشطرنج فيما تمارس الولايات المتحدة لعبة البوكير.

ومن المعروف عن الرئيس دونالد ترامب أنه لاعب بوكير من الطراز الممتاز، واللعبة تفاوض شخص مقابل شخص آخر، بحيث يخدع كل منهما الآخر أثناء السعي لمعرفة الأوراق التي يحتكم إليها الخصم، ومن المعروف أيضاً أن اللعبة تنتهي تماماً عندما يكشف اللاعبَيْن عن أوراقهما.

ويقال أن لعبة الشطرنج فارسية قديمة، وفيها يحاول كل لاعب الهجوم على الخصم واختراق مناطقه الحصينة بطريقة الخطوة تلو الأخرى، ومن الجهات الممكنة كافة، وهي عملية شاقة وتستغرق وقتاً طويلاً ويندر توفر الحلول السريعة أو الفورية فيها.

وبعد أن اعتدنا على متابعة قواعد اللعبة التي يتبعها الرئيس ترامب، فلقد بات يتوجب علينا أن نعوّد أنفسنا أيضاً على قواعد لعبة الشطرنج التي تبدو أكثر صلة بالحياة السياسية في الشرق الأوسط، سواء شئنا ذلك أم أبيناه.