السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

علي المنتصر.. «تشكيل» في مواجهة الحرب

رغم تداعيات الحرب والفوضى الليبية يحوّل التشكيلي علي المنتصر بيته في مدينة طرابلس إلى معرض فني دائم لمسيرة تشكيلية تجاوز عمرها الثلاثة عقود> المنتصر، ومنذ بداياته الأولى، كانت فكرة الاعتماد الكلي على الذات تمثل أسلوب حياة لديه، من خلالها استطاع بناء تجربته الشخصية الخاصة، معبِّراً عن رؤية جمالية معاصرة ذات خصوصية لمشروعه الفني الذي افتتح في 18أغسطس 2016، ليكون اسمه قاعة (علي المنتصر للفنون).

فكرة طموحة يسهم من خلالها في دعم المشهد التشكيلي ببلادنا، خاصة أن ليبيا بحسب المنتصر ليس فيها حركة تشكيلية بمعناها الصحيح، ويقصد أن الموجود عبارة عن اجتهادات فردية، حيث لا مراجع أو مجلات أو صحف متخصصة ترصد وتوثق الحركة التشكيلية الليبية.

يستمد علي المنتصر أفكار لوحاته من إفرازات الحياة المعاصرة وانعكاساتها السلبية والضريبة الباهظة التي تدفع باسم الحضارة، التي جعلت المشاعر الإنسانية معلبة في برادات التقنية والعوالم الافتراضية داخل عالم جديد، صنعت منه قرية كونية تقلص فيها الوقت وزاد من غربة الفرد وعزلته، كما يستمد مشروعه الفني منذ بداياته الأولى من مأساة إنسان هذا الزمن.. مأساة كائن حشر داخل قفص غير مرئي في معركة غير عادلة، تحت اسم الحضارة والتقدم.


رسم الفنان علي المنتصر مجموعة أسماها الإنسان المعاصر التي تميزت بالقلق والعزلة والقسوة.. فالإنسان مركز الكون، وهو الشكل الأمثل لفكرة الحياة والموت.. يشغله كثيراً هذا الكائن الذي يعبث بأساسياته من أجل كمالياته.. فهو دائم الحيرة والقلق وفي حالة لهاث دائم خلف بريق الحياة المعاصرة التي وضعته داخل سجن شديد الأحكام صنعه لنفسه، ليكون هو الضحية والجاني في نفس الوقت، وكل هذه المفارقات جعلت من الإنسان المعاصر مركز وجوهر جل أعماله الفنية، التي اشتغل عليها ضمن مشروعه الفني منذ بداياته الأولى في ممارسة العمل الإبداعي.


مع كل هذا الاهتمام بالإنسان تخلَّى عنه في لوحته (حركة وصمت)، فحضر ككتلة مادية ملموسة بصرياً داخل اللوحة، فكرة تسلط الضوء على إبراز نتائج ذلك الفعل البشري في صناعة القبح، وفي لوحته (التسكع خارج الموروث ) تعبير عن رغبة الإنسان الهائلة في الثورة على الحياة المحدودة، والتي تسمح له بخوضها مرة واحدة فقط، لذلك يطمح الإنسان إلى أن يكون أكثر من مجرد ذاته، في سعيه الدائم نحو تحقيق صورة الكمال.