الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

لا أصدقاء للأكراد سوى الجبال!!

عبر التاريخ ألصق بالأكراد مقولات وأوصاف ونعوت عدة منها: «الأكراد ليس لديهم أصدقاء سوى الجبال»، وها نحن اليوم نشاهد نفس المشهد يتكرر ويتكرر، ففي منتصف ليلة الأحد 6 أكتوبر، أعلن البيت الأبيض فجأة أنه سيسحب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ولن يعوق الغزو التركي، فالخيانة والتخلي ليست غريبة ولا مفاجئة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

سابقاً، عندما شرع الأكراد شمال العراق في استفتاء الاستقلال في 25 سبتمبر 2017، أدى ذلك إلى نزاع عسكري مع الحكومة المركزية العراقية، فتخلت الولايات المتحدة عن الأكراد، واستسلمت للقوات العسكرية العراقية للاستيلاء على كركوك.

اليوم، كان من المتوقع أن يحدث الشيء نفسه على المسرح السوري، إذ كانت الولايات المتحدة الأمريكية مجبرة على الاختيار بين تركيا حليف الناتو، والأكراد حليفها ضد داعش الإرهابي، فكان الخيار السياسي الواضح هو تركيا طبعاً، فمهما كان التوتر في العلاقة بينهما، فهذه مصالح سياسية، يتم اختيار أفضلها!


أثار قرار دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا ضجة في الكونغرس الأمريكي، وعارضه المحللون، والسَّاسة، وجماعات الضغط، والمسؤولون السابقون عن القضية السورية، لكن النقطة المهمة هنا هي: هناك اعتقاد بأن حتمية تغيير السياسة الأمريكية وأعبائها، قد ألقيت بكاملها على الرئيس ترامب، حيث إن الجميع لا يبدو متفاجئاً خاصة داعمي الأكراد كإسرائيل وروسيا!.


لقد بدأت بوادر تغيير السياسة الأمريكية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وبانتخاب دونالد ترامب تواصل التغيير، وتمت متابعة السياسة الأساسية لسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط في أقرب وقت ممكن، وبأي طريقة متاحة.

وهنا، يبدو أن ما قام به ترامب ــ بصرف النظر عن عملية صنع القرار الأمريكي، والطريقة الوقحة للتعبير عنها ــ وسيلة فقط، لإخفاء الرغبة النهائية للشعب الأمريكي بأكمله بضرورة الانسحاب من سوريا، وليس فقط ترامب الرئيس.

لقد أصبح الأكراد أمام حقيقة صادمة، حيث إن أقصى ما صرحت به وزارة الدفاع الأمريكية هو التعبير عن حيادها وعن النأي بنفسها بخصوص العملية العسكرية التركية، لكن ترامب صاحب مبادرة التخلي عن الأكراد، لم يجد أمامه وسيلة لتلطيف الأجواء سوى توعده الاقتصاد التركي بالتدمير من خلال طرحه لجملة من الخيارات.

وبعد ما حدث، يجب على السلطات التركية أن تتوقع أن الأكراد قد يركضون إلى النظام السوري، وإلى الأسد بحثاً عن غطاء سياسي، خاصة بعد تعزيز نطاق وتضييق «المنطقة الآمنة» على طول الحدود، التي دعت إليها تركيا منذ أكثر من خمس سنوات، وفي المقابل يمكن لتركيا أن تستخدم مصير وقضية الأكراد، كورقة مساومة في مفاوضاتها مع نظام الأسد على المدى الطويل، وهذا ما قد يساعد نظام الأسد على استعادة جزء أكبر من أراضيه بالتواطؤ التركي.