الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تونس.. تحديات ما بعد الانتخابات

أُسدل الستار على الانتخابات الرئاسية التونسية باختيار «قيس سعيد» رئيسا لتونس، شخصية من خارج الحكم والأحزاب، يعكس رغبة الناخب التونسي في معاقبة الطبقة السياسية على خلفية الفساد، والغلاء، وتدهور الأحوال المعيشية، وركود الاقتصاد، وغيرها من الهواجس التي أثقلت كاهل المواطنين طوال ثماني سنوات.

استطاع رئيس تونس المنتخب أن يستميل بإمكانياته البسيطة وخطابه الجذاب شرائح واسعة من الشعب، وهو يؤمن بأن التغيير ممكن ويتعين أن يبدأ بتعزيز الحكم المحلي داخليا، وهو على قناعة بأن النظام السياسي مخطىء، ويتعين مراجعته عبر الاقتراع على الأفراد بدلا عن القوائم. ويرى أن النقاش حول دور الإسلام في المجتمع نقاش دون فائدة يلهي التونسيين عن مشاكلهم الحقيقية، ويرفض، في نفس الوقت، تعديل قوانين الإرث بما نادى البعض به مساواة بين الرجل والمرأة!.

لقد عقد التونسيون آمالا كبيرة على «سعيدهم»، رغم خبرته في ممارسة السلطة، إلا أنه مطالب، بمجرد وصوله لقصر قرطاج، بمواجهة ملفات ساخنة واعتماد سياسات تستجيب لتطلعات الشعب التونسي.


على المستوى السياسي، أول إجراء سيقوم به الرئيس هو خطاب التكليف الذي سيمنحه للحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية (حركة النهضة) الذي سيبدأ مفاوضاته لتشكيل الحكومة، وما يعنيه ذلك من لعبة التحالفات والتوازنات التي تستوجب من الرئيس الإهتمام بالتفاصيل الدقيقة، وتوقع الضربات والاستيلاء على المواقف.


إن الرئيس التونسي مطالب في المرحلة القادمة، بتوفير دعم سياسي كامل وكتلة برلمانية تقف ورائه ووراء مشاريعه، فإذا كان قد كسب في وقت سابق دعم تيارات سياسية مختلفة تتصارع وتختلف، فهو إذا مطالب اليوم بتوحيدها لتكون كتلة واحدة تصوت بالإيجاب على مقترحاته.

أما على مستوى السياسة الخارجية والدولية، فسيعتمد الرئيس التونسي على خبرته الدستورية من أجل ضمان التزام الدولة بتنفيذ قوانينها والتزاماتها الدولية تجاه الجميع.

وعلى المستوى الاقتصادي، في بلد تكون فيه التوقعات الاجتماعية هائلة، سيتعين عليه، إحياء الاقتصاد، وتوفير ضمانات سريعة لمواجهة تحديات زيادة معدل النمو والسيطرة على التضخم، والدفع باتجاه سياسات إصلاحية تقوم على إعادة هيكلة الشركات العامة التي تعاني من العجز.

وفيما يتعلق بمحاربة الفساد، فهو مطالب بمواجهة هذه الآفة المتجذرة ووضع حد لتركز الثروة والاقتصاد ورؤوس الأموال لدى عدد محدود من العائلات.

إن حجم التحديات والمشكلات التي تواجه تونس كبيرة جدا، نتمنى أن تتغلب عليها قوة الثقة التي وضعها الشعب التونسي في رئيسهم قيس سعيد.