الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الهدوء أمام العدوانية

بعض الأمهات تعطي طفلها مساحة من الحرية والحركة وليست من حقه، وهي تبرر بأن الطفل يجب أن يمنح الفرصة للتعبير عن نفسه دون خوف أو قمع، وهذا صحيح، ولكن عندما نرى أن الطفل يتحول تدريجياً ليصبح عدوانياً ولا يقيم أي وزن ولا أي قيمة للآخرين، ويعتدي على أقرانه ويصل إلى ممارسة العنف ضدهم، عندها ندرك أن هذه المساحة التي أعطيت للطفل وتلك الحرية له، وجهت رسالة خاطئة لذلك الطفل الذي نعرف جميعاً أنه قد لا يجيد ترتيب كلمات جميلة صحيحة ولكنه فهم أن له الحق في ممارسة العنف والقسوة مع أقرانه. هنا يجب التدخل ليس من أجل العقاب والقسوة بل من أجل الاحتواء وحماية الطفل من هذه الفكرة الدخيلة على براءته والتي تشوه عفويته وبساطة تفكيره. لذا نقول لتلك الأم إنها تنشئ طفلاً عدوانياً وتزيد من ثقة طفلها بصحة ما يفعله وما يمارسه ضد أقرانه، والمشكلة أن نشأة الطفل على هذه القسوة قد تجعل منه عندما يكبر مشروعاً مبكراً للانحراف والتصادم مع القوانين والأنظمة السائدة في المجتمع، وهنا نفهم أن تلك الأم لم تقدم لطفلها الحماية الصحيحة ولا التربية القويمة التي تمهد له المستقبل وتعطيه حصانة من ويلات الأيام وما قد يصادفه من عقبات وصعوبات.

لذا من الأهمية على الأم عدم التسويف أو الانتظار ليقوم الطفل بتقويم سلوكه بشكل تلقائي، عليها أن تتخذ إجراءات في اللحظة نفسها مثل التدخل المباشر وسحب طفلها وإبعاده عن المكان ثم التوجه إلى موقع أكثر هدوءاً وإجلاس طفلها ثم التحدث معه بروية وكأنها تفتح موضوعاً للنقاش والحوار، وهنا يجب عدم فتح الموضوع مع الطفل وهو متوتر ويشعر بالخوف، بل تركه حتى ينعم بالسكينة. الحوار مع الطفل يجب أن يهبط لمستوى أكثر بساطة وعفوية، والعمل على الكلمات العاطفية والضرب على وتر الألم الذي يشعر به صديقه وتنمية روح العاطفة الموجودة بكل تأكيد في قلبه.. النقطة المحورية عدم التساهل في عدوانية الطفل أو تمرير قسوته ضد أقرانه وكأنها شيء عابر وبسيط.