الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الجزائر.. من العنف إلى المناظرة

من المرتقب أن تجري غداً الجمعة في الجزائر أول مناظرة انتخابية بين المترشحين الخمسة لرئاسة الجمهورية، ومن المتوقع أن يتم بثها من خلال التلفزيون العمومي وحتى القنوات التلفزيونية الخاصة، وتعتبر هذه المناظرة إن تمت رابع مناظرة انتخابية في الوطن العربي بعد موريتانيا (2007) ومصر (2012) وتونس (2019) على التوالي.

والحقيقة أن المناظرات الانتخابية فرضت نفسها، فهي واحدة من فنون الإقناع وممارسة الديمقراطية، وهي وسيلة لنقل المواجهات من العنف إلى عالم الأفكار.

لكن المناظرات والمجادلات في الجزائر ليست جديدة، حيث شهدت الجزائر عدة مناظرات سياسية وثقافية بشكل أو بآخر، ففي سبعينات وثمانينات القرن الماضي كانت الساحة الثقافية نشطة، ويتذكر المثقفون الجزائريون ما كان يحدث بين الطاهر وطار والطاهر بن عائشة رحمهما الله.


ويروى أنه في إحدى المشاحنات قال الروائي الطاهر وطار للكاتب الطاهر بن عائشة: «يكفي أنك نسبت إلى امرأة» بهدف النيل منه والحط من شأنه، فرد عليه الطاهر بن عائشة: «في حدود علمي هناك عظيمان في التاريخ لا ثالث لهما نسبا إلى امرأة، هما عيسى ابن مريم، والطاهر بن عائشة» مثال آخر، في إحدى المناظرات الجامعية التي حدثت بين مولود قاسم نايت بلقاسم وأبو القاسم سعد الله، وكلاهما من كبار المثقفين، الأول حاضر يقول: «الخوف على التاريخ» أي من التحريف والتضليل، ورد عليه الآخر بمحاضرة «الخوف من التاريخ» أي أنه لا يرحم المؤرخين الذين تهاونوا في واجباتهم.


كما شهدت تسعينات القرن الماضي بدورها مناظرات ومجادلات سياسية، بالتزامن مع الانفتاح السياسي واعتماد عشرات الأحزاب، ولعل أشهر مواجهة كانت بين زعيم الحزب الإسلامي جبهة الإنقاذ عباسي مدني، وزعيم الحزب العلماني التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعدي سعدي الجزائر.

كذلك يتذكر الجزائريون المناظرات التلفزيونية التي كان ينظمها الصحافي مراد شبين، بين مختلف القيادات السياسية والإعلاميين في برنامج «في لقاء الصحافة» للتلفزيون الجزائري.

وفي عام 2008 شهدت المكتبة الوطنية مناظرة بيني وبين والسفير الأمريكي روبرت فورد، بعد صدور كتابي «الصليبية الأمريكية وعهد حرب الحضارات»، بعد احتجاج السفير مدعياً عدم وجود صليبية أمريكية.

ومع ذلك فإن المناظرة الانتخابية المنتظرة غداً، ستكون مصيرية بالنسبة للمترشحين، لأنها تسهم في توجيه الناخب، لذلك يبدو أن هناك من المترشحين من يريد أن يضع لها شروطاً مثل: «عدم التعقيب على بعضهم البعض، وترك الجمهور يعقب كما يشاء، وطرح نفس الأسئلة على جميع المترشحين حتى لا تكون هناك أسئلة سهلة لبعضهم ومحرجة للبعض الآخر».. إلخ.