الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

المنطقة بلا سليماني

هذا هو اليوم الرابع للخليج العربي وللمنطقة العربية بأسرها بلا قاسم سليماني، لقد رحل ورحل جزء كبير من الشر معه، وقُطعت اليد التي خرّبت ودمّرت هذه المنطقة لسنوات.

منذ هلاك سليماني ومن معه أراقب المشهد الإنساني والحياة اليومية وردود فعل الناس في منطقتنا، فأغلب سكان المنطقة في الخليج -إلا بعض الطائفيين- يشعرون بالراحة لغياب سليماني، بل إن الكثيرين في العراق ولبنان وسوريا وفلسطين لديهم الشعور نفسه، وإن كان المشهد يوحي بأن الأغلبية حزينة لرحيل سليماني فالعكس هو الصحيح، ولأول مرة منذ زمن طويل يشعر العرب بأن أمريكا تتخذ قراراً يخدم شعوب ودول المنطقة بتنفيذها هذا القرار الشجاع والقضاء على رمز من رموز الإرهاب في المنطقة والعالم.

اللافت في الوضع الحالي هو أنه على الرغم من التصعيد في الخطاب الإعلامي والتجاذبات الكلامية، إلا أن النظام الإيراني لم يقم بردة فعل قوية تجاه خسارته الكبيرة، وقد لا يكون ذلك مستغرباً، فالنظام الإيراني تفاجأ -كباقي العالم- بالضربة الأمريكية، ولم يكن يتوقعها أبداً، وبالتالي لم يكن لديه أي خطة جاهزة للرد، فثقة النظام الإيراني الزائدة بنفسه جعلته يتخيل أن الولايات المتحدة لن تتجرأ على ضربه في مقتل، كما كان ترامب يهدد دائماً، وما يصعّب من وضع خامنئي ويجعله متردداً في الرد هو عدم توقعه للرد الأمريكي التالي، إذا ما نفذت إيران ضربة انتقامية مباشرة وقوية للمصالح الأمريكية.


الوضع الحالي بعد مقتل سليماني يكشف مدى الضعف الذي يعاني منه النظام الإيراني من الداخل، وربما يكشف أن اختفاء رجل واحد قد يهز أركان هذا النظام بأسره، وربما تكون هذه الخطوة الأمريكية بداية لتغيير تركيبة المنطقة، وربما بداية لعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي ولو بشكل بطيء.


الأمر الآخر اللافت على هامش هذا الحدث المهم هو الجو العام بين سكان وشعوب المنطقة.. ففضلاً عن المزاج العام للشارع العربي الذي تقبّل خبر موت سليماني ومن معه بارتياح، فإن شعور الناس بالأمان أصبح أكبر، وهذه مفارقة تثير الانتباه، ففي حين توقع المراقبون خوف الناس في المنطقة من عمليات انتقامية إلا أن الوضع لم يتأثر والحياة في أغلب مدن وعواصم الدول العربية والخليجية تسير بشكل طبيعي والسياح يتوافدون إلى المنطقة دون تأثّر، ما يؤكد أن بقاء سليماني كان هو الخطر وليس تصفيته.