الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ماذا لو حكمت النساء السودان؟

يعتبر المجتمع السوداني من أكثر المجتمعات تقبلاً لمسألة المرأة في المجال السياسي، فليس نادراً مشاهدة نساء تقارعن السياسة في هذه البلاد، إلا أن مسألة جلوسهن على كرسي الرئاسة لم تتحقق حتى اليوم، فهل تحدثه إحدى «المريمين»؟، ربما!

إن ظهور كل من (مريم الهندي ومريم الصادق) في فضاء السياسة راهناً، يستنفذ ذاكرتنا لجلب رحلة الشريف حسين الهندي الذي تنتمي إليه مريم الهندي، والسيد الصادق المهدي والذي تنتمي إليه مريم الصادق، لاستحضار تاريخ من سجالات في الأحداث السودانية قبل وبعد رحيل الشريف حسين، أما ما تغير في السودان حالياً فهو مناخ ارتفعت فيه قيمة المبادئ الديمقراطية.

وهذا أمر حرك الذاكرة الانفعالية لدى كل مَن عاصر أو اهتم بالفترة الديمقراطية في السودان، فجدل الديمقراطية والإقطاع و(جلباب أبي)، كانت من الأمور التي فجرت الخلافات بين الشريف حسين الهندي والصادق المهدي، فكل منهما مارس حقه الديمقراطي، ولكن اختلفت أوجه الممارسة، فهناك من مارسها بحنكة ونزاهة كما هو حال الشريف الهندي، وهناك من مارسها بفرض الإرث الطائفي مثل الإمام الصادق بفرضية الملوكية.


إن حراك مريم الهندي كخبيرة استراتيجية من الممكن أن يلعب دوراً كبيراً في تقديم التطمينات لإقامة التوازنات السياسية المقبلة في السودان، إضافة إلى رؤيتها الاستراتيجية حول مختلف الأمور، ومنها تركيزها على الشباب وتأمين فرص التوظيف لهم على نهج الشريف حسين، الذي كان قد وظف جميع السودانيين المتعلمين من فتيان وفتيات، عند توليه وزارة المالية في ستينات القرن الماضي، وألحق كل أولئك بالقطاع العام فيما عرف ببند البطالة وهو صاحب القول المشهور: «لن أترك سودانياً عاطلاً وأنا وزير للمالية».


وبذلك ينبغي لنا أن نطور العمل على تربية النخبة الاجتماعية وحل تناقضاتها وعقدها التقليدية فالمجتمع السوداني بحاجة إلى واجهات وممارسات جديدة، وهنا يطفو تساؤل: ماذا لو حكمت النساء السودان؟، خصوصاً أن المرأة السودانية أثبتت جدارتها بأدوارها تاريخياً كما رأينا البسالة والإقدام الحالي لـ (كانداكات) ــ نسبة للزوجة الملكية الأولى في حضارة كوش الأفريقية.

ويبقي الرهان بين المريمين في التغيير الاجتماعي الحقيقي، لأنه من صنع الفعاليات الاجتماعية الإبداعية الفكرية والاقتصادية عبر خطط استراتيجية محكمة، ومن الضروري أن يدخل إلى الذهن السياسي السوداني مفهوم السياسة كإعادة تربية اجتماعية عبر الاستراتيجية، وإعادة تجديد وترسيخ للأطر العقلية والقانونية والأخلاقية.