الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الشرق الأوسط والحاجة إلى السلام

حكماً لا توجد بقعة أو رقعة في العالم في حاجة ماسة إلى السلام مثل منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي طال فيها النزاع الإسرائيلي العربي عامة، والإسرائيلي الفلسطيني خاصة، وربما حان الوقت لإنهاء الأزمة ورفع الغمة من طريق الأجيال القادمة.

قبل أن يدخل البيت الأبيض وفي نوفمبر 2016 وبعد إعلان فوزه غير المتوقع برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب عن نيته إنهاء هذا النزاع الذي طالت فصوله من غير حسم، وأشار إلى أن لديه رؤية كافية في هذا السياق.

والشاهد أن الجميع تفاءل بهذه التصريحات لا سيما أن ترامب قادم من خارج المؤسسة السياسية الأمريكية التقليدية، حتى وإن كان مرشحاً للجمهوريين، إلا أنه كان منبت الصلة بالعمل السياسي، وهذا أمر يتيح له قدراً واسعاً وكبيراً من المناورة والمداورة مع قوى الضغط الداعمة لإسرائيل في الداخل الأمريكي، والتي لا تتوقف عند يهود الولايات المتحدة، بل تتخطاهم إلى تيار اليمين المسيحي الأمريكي الإنجيلي الضارب الجذور وصاحب النفوذ الكبير في ذاك البلد الإمبراطوري.


على أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، وفوجئ العالم العربي بتوجهات للرئيس ترامب لا تصب أبداً في خانة نشوء وارتقاء عملية سلام حقيقية، وما يفقد واشنطن فرصة أن تكون وسيطاً محايداً ونزيهاً، ودافعاً في طريق السلام الحقيقي، كما فعل الرئيس جيمي كارتر في نهاية سبعينات القرن الماضي.


أقدم الرئيس ترامب على ما أحجم عنه رؤساء أمريكيون سابقون حين اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وبادر بنقل السفارة الأمريكية إليها، الأمر الذي مثّل لطمة حقيقية وصفعة قوية لكل جهود السلام.

لم يأخذ الرئيس ترامب في الاعتبار أن مثل هذا القرار يأتي منافياً ومجافياً لقرارات الأمم المتحدة التي ترى في القدس الشرقية أرضاً محتلة واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأنه يجب عدم تغيير الأوضاع الجغرافية والديموغرافية فيها.

وقت كتابة هذه السطور كان الرئيس ترامب يغرد بشان إعلانه القريب عن ما أطلق عليه منذ فترة "صفقة القرن"، أي صفقة السلام المتوقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك قبل يوم الثلاثاء القادم حيث يصل إلى واشنطن كل من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بصحبة منافسه رئيس الأركان السابق بني غانتس، لإطلاعهما على بعض من الخطوط العريضة للصفقة، وذلك قبل بدء الانتخابات الإسرائيلية في 2 مارس.

ماذا عن الجانب الفلسطيني في هذا الصفقة وهل تم توجيه الدعوة إليه بالمثل ليضحى السلام عاقلاً وعادلاً في ذات الوقت؟

الثابت أن الرئيس ترامب لم يعر الفلسطينيين انتباهاً وجل ما جاد به هو القول إنها ستكون صفقة عظيمة للجانبين، وإن الفلسطينيين وإن أبدوا توجهات سلبية إلا أنهم سوف يوافقون عليها تالياً، ما ينافي ويجافي الحقيقة والتصريحات المعلنة للسلطة الوطنية الفلسطينية ولكل العواصم والعوالم العربية.

ما يسعى الرئيس ترامب إلى تقديمه للفلسطينيين هو بعض المنح والميزات الاقتصادية التي سيجمع أرقامها الكبيرة من الدول العربية قبل الأوربية، وهنا يفقد الرجل دفة التوجه فالقضية الفلسطينية قضية مقدسات دوغمائية والخلاف من حولها ليس تشارعاً أو تنازعاً أيديولوجياً يقبل قسمة الغرماء.

لا يوجد في صفوف العرب، مسلمين ومسيحيين، من هو على استعداد للتسليم بتهويد القدس، ويخطئ الرئيس ترامب كثيراً جداً لو راهن على المشهد العربي الآني، وهو القابل للتغير في الأجيال والعقود القادمة.

السلام العادل هو الطريق الحقيقي، وما عدا ذلك لا فائدة منه.