السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

عن إيران والحروب السيبرانية

انشغل العالم الشهر الماضي بعدد من الأحداث الإقليمية، في مقدمتها الوضع في ليبيا بنوع خاص، إضافة إلى الأزمات الطارئة التي حلّت بالعالم، لا سيما أزمة فيروس الكورونا، وما سبّبه للعالم من خوف وهلع ولا يزال.

في هذه الأثناء، بدا وكأن العالم نسي الأزمة الإيرانية الأمريكية، والمواجهات التي جرت قبل بضعة أسابيع، وبدا وكأن التهديدات الإيرانية ـ بأن تملأ الجثث الأمريكية الشوارع، انتقاماً لمقتل قاسم سليماني ـ قد توارت، غير أن الحقيقة ليست كذلك أبداً.

تتقن جماعة الملالي فكر التُّقية، وتتعاطى به عبر عقود طوال، ومؤخراً بدا وكأنها غيرت من آلياتها في تعاطيها، ومحاولات انتقامها من الغرب بشكل عام، أي الأوروبيين والأمريكيين معاً.

ضمن الأدوات التي تخطط إيران عبرها لإصابة من تراهم أعداء، في القلب تأتي الجماعات الميليشياوية، وأذرعها تمتد من الحوثي في اليمن جنوباً، وصولاً إلى ميليشيات حزب الله في أوروبا وأمريكا الجنوبية، إضافة إلى الولايات المتحدة، حيث تم بالفعل القبض على عدد من الخلايا النائمة التابعة لحزب الله هناك.

على أن الأداة الأخطر التي تمثل إرهاباً إيرانياً مستتراً، باتت تتمثل في الحروب السيبرانية والهجمات الإلكترونية التي تخطط لها إيران، كي تصيب أمريكا أولاً، وأوروبا تالياً، لتُحدِث ما شاء لها أن تُحدِث من الحوادث الرهيبة، وهي ضالعة في هذا الإطار، خاصة إذا عقدت العزم على التعاون غير الخلاق مع تركيا.

الحروب والهجمات الإرهابية السيبرانية الإيرانية ليست شأناً جديداً، فملالي طهران تاريخهم أسود في هذا الإطار، وطالما كانت جماعاتهم الماورائية الإلكترونية من بين المجموعات الأكثر قدرة وعدوانية في العالم، فعبر عدة عمليات شهيرة عطل الإيرانيون الخدمات المصرفية للعديد من المؤسسات المالية والبنوك حول العالم، كما اخترقوا شركات النفط، وفي صفحاتهم الملطخة بالإرهاب، محاولة السيطرة على أحد السدود عن بعد.

هل هناك مخاوف في الداخل الأمريكي بالفعل من انتقام إيراني سيبراني في الطريق، يتخلق الآن في رحم الثورة الإرهابية الإيرانية وحرسها الثوري؟

قطعاً ذلك كذلك، الأمر الذي أشار إليه محررو «واشنطن بوست» توني روم إيزاك، وستانلي بيكر، وكريج تمبرك في تقرير مطول لهم مؤخراً.

تبعاً للتقرير، يمكن لقراصنة الإنترنت الذين تربطهم صلات بطهران، أن يشنوا عمليات قرصنة ضد الآلات المهمة عبر الإنترنت، وهو تكتيك جربوه مع سد ولاية نيويورك، الذي اخترقوا أنظمة التحكم فيه عام 2013، أو يمكنهم استهداف مؤسسات سياسية أو دبلوماسية حساسة، أثناء القيام بعمليات معلوماتية متطورة عبر فيسبوك وتويتر، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي.

مخاوف الأمريكيين في واقع الحال موصولة بقطاع النقل الأمريكي بنوع خاص، وللقارئ أن يتخيل إمكانية اختراق جماعات القراصنة الإيرانيين لشبكات المجال الجوي والطيران الأمريكي، وما يمكن أن يحدث في سماوات أمريكا من كوارث غير مسبوقة، ولن يكون من اليسير إثبات التهمة عليهم، بل سوف تتوزع الجريمة على كل أعداء العم سام من خلال خطة إيرانية دعائية.

في منتصف ديسمبر الماضي أعلنت السلطات الأمريكية في مدينة نيو أورليانز حالة الطوارئ، بعد هجوم إلكتروني تسبب بقطع شبكة الكمبيوتر الرئيسة في المدينة.. هل كان ذلك اختباراً أولياً من الإيرانيين على العمليات الإرهابية السيبرانية القادمة؟

ومن المؤسف أن تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، وعلى الجميع اليقظة والانتباه شرقاً وغرباً.