السبت - 08 فبراير 2025
السبت - 08 فبراير 2025

إعادة مشهد القسوة

في موضوع سبق وتم تناوله في هذه الزاوية عن التنمر، تلقيت على إثره عدداً من الآراء ووجهات النظر وأيضاً التساؤلات، ومثل هذا التفاعل يوضح طبيعة هذه المشكلة وحجمها، وهو ما يستدعي تدخل الجهات ذات العلاقة ليس لسن قوانين الردع والعقاب، لأننا في المجمل نتحدث عن التنمر بين الأطفال وهذه الفئة تحتاج للمزيد من التعليم والوعي وأيضاً الاحتواء.

مع هذا، فإن التنمر متواجد بين الفئات الكبيرة في السن وليس حصراً أو حكراً على الأطفال والقاصرين، بل إننا نعيش في هذا العصر شكلاً حديثاً، نوعاً ما، وهو التنمر الإلكتروني، وكل واحد من هذه الأقسام تحتاج لعلاجات تختلف عن الأنواع الأخرى.

إن حصرنا حديثنا عن تنمر الأطفال، وهو ما أثار تفاعل عدد من السيدات، فإن علاج مثل هذه المشكلة يتطلب معرفة سببها؛ لماذا يلجأ الطفل للقسوة ضد زملائه وأقرانه؟


يفترض في الإجابة أن توضح مكمن الخلل والكيفية التي تعلم بواسطتها الطفل هذا السلوك العنيف، بل الكيفية التي تدفع به ليجد في التنمر حلاً لهمومه الطفولية أو مشكلاته أو طريقة ينتهجها ليتجاوز من خلالها ضعفه ويغطي على عجزه وخوفه.


وهذه المراجعة تعني العودة إلى داخل الأسرة، إلى كل من الأب والأم، وأيضاً الأشقاء الأكبر سناً، والبحث عن أساليب فيها قسوة وعنف سواء أكانت جسدية أو حتى لفظية، تمت ممارستها ضد الطفل. إن وجدت مثل هذه الحالات من العنف داخل الأسرة، فلا غرابة أن ينقلها الطفل إلى أقرانه في أول مناسبة يخرج بها من المنزل، فإن تعرض الطفل لسيل من الكلمات الجارحة القاسية، فتوقع أن تسمع منه هذه الكلمات، وإن تعرض الطفل للصفع على وجه، فتوقع أن يقوم بصفع أحد أقرانه في المدرسة.

التنمر عند الأطفال لا ينم عن أحقاد دفينة ولا عن تصفية حسابات، ولا عن تخطيط وترتيب طويل الأمد، كل ما في الأمر أنه يقوم بإعادة ما تعرض له أو شاهده أمامه من أبيه أو من أمه أو من أشقائه وشقيقاته، هذا هو الموضوع ببساطة متناهية.