الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خالي العزيز «نابليون»

شكلت شخصية نابليون بونابرت البطولية مصدر إلهام للعديد من الروائيين والفنانين. فمنذ رواية الأحمر والأسود لبلزاك، مروراً بالجريمة والعقاب لديستوفسكي، والحرب والسلام لتولستوي، وليس انتهاء برواية خالي العزيز نابليون للإيراني إيرج بزشك زاده، نجد الذات النابليونية مركزاً تدور حوله رغبات الأبطال في تحقيق نوع من البطولة الخارقة.

ولئن كانت الروايات الكلاسيكية، ما زالت تعيش الزلزال الذي أحدثه هذا الضابط قصير القامة في أوروبا القرن الـ18، فإنها في القرن الـ21، وفي منطقة مختلفة لم تعد كذلك، فخالي العزيز نابليون الصادرة عن دار المدى هي رواية الكوميديا الرمادية.

فهذه الرواية تقدم نصاً مفخخاً بالهزل، فأكثر من مرة أجد نفسي وأنا في رحلة جوية أنفجر ضاحكة بين الركاب.. أغوص في عالم منفصل كلياً عن الواقع.. سلسلة من المؤامرات تتكشف أمامك بسلاسة لغة المراهق الراوي، الذي يبدو أكثر نضجاً من أخواله وأبيه، وهو يحاول حل المشاكل التي انبثقت في حياة العائلة، بينما هو يتخفى بين الأروقة وخلف النوافذ يراقب ويروي.


فإلى جانب البداية التي تبرع في عاديتها لقصة مراهق يقع في الحب، تتوالد الأحداث بشكل أميبي، ومتسارع، ومهلك في بعض الأحيان. اللغة الفنية الفريدة التي قدمها الروائي في نحت شخصياته الهستيرية تورطك رغماً عنك في عملية الإدمان على حضورها والاستغراق في لعبة توقع ردود أفعالها.


البطل المركزي في هذه الرواية شخصية متوهمة ومتورمة، ساذجة وطيبة وشديدة التأثير في البداية، يبدأ الخال المتأثر بشخصية نابليون بونابرت بقص بعض المعارك الوهمية، التي حدثت في مخيلته بينه وبين الإنجليز، ثم شيئاً فشيئاً يتحول هذا الهزل إلى نوع من الجد الصادم، الذي يرسم كل المصائر بعدها في سلسلة لا منتهية من الكر والفر.

تتورط كل الشخصيات بالنهاية في هذه اللعبة المتوهمة التي توقعت أن نهايتها ستكون مأساوية بهذا الشكل المخفف من التراجيدية المبالغ بها.. فنابليون العائلة الإيرانية هو دون كيشوت بلا بطولة حقيقية، يرسم القدر الحزين بضحكته الضاجة مصيره الشخصي ومصائر الذين من حوله بكل هدوء.