الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل هناك كتب بمثابة العقاب؟

ينطلق الكاتب الإنجليزي آندي ميلر في كتابه «سنة القراءة الخطرة» من السؤال: ما الذي يجعل أي كتاب عظيماً؟ الجواب بحسب ميلر أن تلك العظمة تعيد قياس نفسها دائماً باختلاف الأشخاص واختلاف الكتب، فعند بعض القراء قد تدل العظمة على إتقان ثقافي جامح، مثل عظمة تولستوي أو فلوبير، ولدى البعض الآخر قد تدل على صرخة المتعة، مثل كتاب (ذات يوم) لديفيد نيكولاس.

إن الكتب العظيمة قد تكون مهمة فعلاً، ولكنها ليست واضحة دائماً أو ممتعة للقارئ، وفي كتاب «سنة القراءة الخطرة» سيجد القارئ ملاحظات في الحواشي، مراسلات إلكترونية وذكريات شخصية وتدوينات ووصفات وسير ذاتية وآراء صارمة وبعض النكات.

في الكتاب يرى ميلر أن من سوء حظه وحسنه في الوقت ذاته أنه انشغل بكتابة هذا الكتاب خلال ثورة السعار الثقافي، بمعنى أن هناك عدداً من القوى المتنافسة تهدد بتغيير الطريقة التي عرفنا بها القراءة، ماذا نقرأ وكيف نقرأ؟ مثل الإنترنت ومتاجر الكتب والمكتبات العامة والحكومات والمدوّنات وأندية الكتب ومهرجانات الأدب وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، وقد نعتبر هذه الإضافات تقدماً، ولكنها ليست التجربة الأصلية ذاتها.. إنها ليست القراءة.


ميلر الذي عمل محرراً للكتب بدأ سنته القرائية برواية (المعلم ومارغريتا) للكاتب ميخائيل بولغاكوف، واستغرق في قراءتها 5 أيام، ولكن سحرها استمر معه لفترة أطول، والأهم أنها نجحت في إعادته للحياة من جديد.


والسؤال المُلح هنا هو كيفية المحافظة على شرارة القراءة حية، يجيب آندي ميلر «ما أحتاج إليه هو كتاب آخر»، وهنا أدرك ميلر أن الثقة التي منحتها له رواية (المعلم ومارغريتا)، أفقدته القدرة على تقدير ذاته بشكل أفضل عندما بدأ روايته الثانية (مدل مارش) لجورج إليوت، ذات الـ688 صفحة، واصفاً إياها بالعقاب القاسي.

في فترة سابقة، اتخذ ميلر عادة قراءة مثل هذه الكتب التي تمتلئ بالإسهاب والتوضيح، ولكنه كان طالباً حينها، بعد عقدين من الزمان فقد لياقته تماماً.. أصبح يتنفس بصعوبة وكان هذا الكتاب أكثر مما يستطيع احتماله.

في الكتاب يصف ميلر نفسه بالفاشل، إذ ضيّع الكثير من الوقت وهو يعدّ قوائم للقراءة وفي النهاية لا يلتزم بشيء، وفي تعليقه على الشهرة الكبيرة التي حققتها رواية (شيفرة دافنشي) لدان براون، التي استغرقت منه 12 ساعة قراءة، يشير ميلر إلى أن هذه الرواية تمكنت بغباء من إتقان شيء واحد ألا وهو «الحبكة».