الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

عشر سنوات من التّيه

تمر عشر سنوات على انطلاقة ثورة تونس عام 2010 التي سُمّيت حينها «ثورة الياسمين» تيمناً بالسلمية التي اكتنفت حراكها ونهايتها.. عشر سنوات عصفت بالوطن العربي، ولا تزال ارتداداتها تعصف به، فما هي حقيقة ما جرى؟ وكيف وصلنا إلى هذه الحال؟ ولماذا؟ أسئلة لم نتمكن خلال العشرة أعوام المنصرفة من أن نعرف أدنى إجابة عنها!

حالة الفساد السياسي والاقتصادي والأمني التي طفحت في أغلب الدول العربية لا يمكن إنكارها، والحاجة الماسة للتغيير أيضاً لا يمكن إنكارها، واختراق حراك، ما سمي بالربيع العربي، بأجندات داخلية وخارجية، هذه حقائق شهدناها وعايشناها، كما أن فشل مشروع التغيير والإصلاح الذي دشنته تونس، نتيجة شاخصة أمامنا بكل تفاصيلها. وملخص ما حصل في عقد من الزمان في الوطن العربي.

إن أسوأ نتيجة وصل إليها الوطن العربي بعد تلك العاصفة أنه أصبح شبه خاوٍ من الحراك الفكري المنضبط، الذي بإمكانه تحليل وتعليل بعض مشاهد ما حصل، ويمكنه من وجهة أخرى رسم أطر مشروع التغيير الجديد.


بعض النتاج الفكري (المنضبط) بعيد ومحدود وشكلاني أكثر منه (إشكالي)، أما الجدال الفكري الأكثر صخباً فهو مناوشات وسائل التواصل الاجتماعي، التي يغلب على طرح مستخدميها طابع الانقسام والتحريض والتهييج والصراع السياسي والأيديولوجي. وهو جزء من مشكلة التغيير في الوطن العربي إن لم يكن جوهرها.


بين حين وآخر أحاول البحث عن تحليل لمستقبل القضية السورية وللحرب في ليبيا وللانقسام اليمني، فلا أجد إلا سرديات وانقسامات لا علاقة لها بطبيعة الصراع الاقتصادي والجيوـ سياسي.

حتى شعوب تلك الدول سئمت من حالة عدم فهم ما يجري، وما ستؤول إليه الأحداث، وفقدت الثقة في جميع الذين اختطفوا الطبقة السياسية وجيروها لمصالحهم هم، وتركوا الشعوب تذوق ويلات الحرب والتشرد وفقدان الدولة. لقد صار الصراع والحرب والإرهاب والفوضى السياسية والاقتصادية جزءاً من طبيعة الحياة في كثير من الدول التي سحقها الربيع العربي، وكأن المطلوب من شعوب تلك الدول أن تتأقلم مع الوضع، وأن تقبل بحياة هي أدنى من مستوى الحياة البشرية السوية.

بعد مرور عشرة أعوام من اندلاع حراك التغيير في الوطن العربي، ماذا عسانا أن نقول؟ هل كان الماضي أفضل؟ هل كان ما حصل مؤامرة؟ ألا يملك العرب زمام أمورهم لتخرج كل قضاياهم عن السيطرة في كل مرة؟ وما الحل؟ وكيف يمكن الخروج من هذا النفق المظلم؟ حصيلة السنوات العشر.. فوضى وغموض وتيه وأسئلة تنتظر الإجابة.