الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

2020.. والعودة إلى الخلف

مع بداية عام 2020، تنبأ كثيرون بأن العام لن يكون جيداً، في ظل تصاعد احتمالات حدوث صدامات دولية (مع تزايد النفوذ الصيني)، وتصدع كيانات كبرى شكلت نماذج للاندماج الدولي (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).

وتحدث آخرون عن احتمالية حدوث موجة جديدة من الثورات في المنطقة العربية، واندلاع صراعات حول الماء والغاز، ومع نهاية العام بات يقينا أننا كنا أمام عام استثنائي، ربما هو الأسوأ من كل التوقعات.

لقد شهد العام الذي يشرف على نهايته أحداثاً مهمة وكبيرة، صنعت المستجدات وأثرت على حياة الملايين من الناس حول العالم، وسيشكل لا محالة منعطفاً كبيراً ونقطة تحول في تاريخ الإنسانية جمعاء، فبالإضافة إلى الحرائق والانفجارات والاحتجاجات والنزاعات وعمليات القتل، يبقى الحدث الأبرز هذا العام هو تفشي جائحة كورونا المستجد، التي تسببت بإغلاق عام لأشهر، وقتلت أكثر من مليون ونصف المليون شخص حول العالم، وأثرت بشكل مباشر على المعاملات الدولية البشرية والتجارية والسياسية.

لقد فرض تفشي الوباء على الشعوب اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية، ما انعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، الذي أصبح يعيش حالة من الركود الحاد والانكماش المفاجئ، وبالتالي ظهور أزمة اقتصادية عالمية غير متوقعة. ولأن الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً هي أول المتضررين جراء الأزمات والأوبئة، فجائحة كوفيد-19 تنذر بسقوط ملايين من الناس في براثن الفقر، وبعد عقود من التقدم المطرد في الحد من أعداد الفقراء، الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم، سيسجل هذا العام أول انتكاسة لجهود مكافحة الفقر المدقع في جيل كامل.

وإذا كان الكساد الكبير الذي أعقب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 قد أدى لظهور وضع جديد للاقتصاد المتمثل في استمرار النمو المتدهور، والاستقرار المالي المصطنع، فمن المتوقع أن تغير أزمة كورونا التضاريس الاقتصادية العالمية، والبداية ستكون في الإسراع في إزالة العولمة، وإلغاء التقارب، وإعادة تعريف الإنتاج والاستهلاك في جميع أنحاء العالم.

ستبقى سنة 2020 خالدة في سجل التاريخ، حيث أثبتت أن عجلة الأحداث لا تتقدم دائماً إلى الامام، لأن هناك ما يمكن أن يعود بها إلى الخلف، حتى وإن كان ذلك الشيء مجرد فيروس لا تراه العين، لذلك هناك توافق على أن العالم لن يعود أبداً كما كان، وأنه علينا جميعا الاعتياد على ما نراه اليوم «استثنائياً»، لكنه سيتحول مع الوقت إلى أمر «عادي».