الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الأحمق المُطاع

الأحمق هو فاسد الرأي، وراكد العقل، الذي لا يحسن القول والفعل، عادة يتكلم بما يخطر على قلبه، ويتوهم أنه أعقل الناس، ومن علاماته سرعة الجواب والاندفاع في الكلام بلا تعقل أو رويّة أو تفكير، والأحمق رجل يعرف كيف يحدد أهدافه، وتكون أهدافاً مقبولة وصحيحة، ولكنه يستخدم في تحقيقها وسائل فاسدة، وخاطئة، والعرب يسمون الأحمق في لهجاتهم الشائعة «هذربان»، لأنه عادة يكون كلامه كثيراً غثّاً، يخلط بين الجد والهزل، ويُكثر من الهذيان وغير المعقول.

وهذا الأحمق قد يكون في أي موقع من مواقع الحياة فقد يكون رئيساً أو زعيماً، أو قائداً في قومه، وفي عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدم عليه عُيينة بن حصن الفزاري سيد قبيلة غطفان، وقد وصفه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد الحوار معه قائلاً: «هذا أحمق مطاع، وهو سيّد قومه»، فقد كان خلفه عشرة آلاف مقاتل يأتمرون بأمر هذا القائد الأحمق، وخطورته الشديدة أنه مُطاع.

وفي عصرنا هذا ابتُلينا بأحمق مطاع يريد أن يعيد التاريخ إلى الوراء، وأن يحيي أمجاد أجداده الذين خلطوا عملاً صالحاً بآخر سيئ، وكانت نهايتهم مع الأكثر سوءاً وفساداً من الأعمال عندما أوغلوا في دماء العرب مسيحيين ومسلمين، حينما أيقظوا القومية العنصرية في العالم الإسلامي، بعد أن نشأت حركة القومية الطورانية التي تُعلي العنصر التركي لأسباب عرقية وصفها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنها منتنة في حديثه الشهير: «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، وليس منّا من قاتل على عصبيّة، وليس منّا من مات على عصبيّة دعوها فإنها منتنة»، ولكن للأسف جاءت دعوة العصبية النتنة من أجداد هذا الأحمق المطاع.


تاريخ آل عثمان هو تاريخ النهب والسلب والسرقة، والضرائب المرهقة التي فرضوها بنظام الالتزام الذي أطلق أيادي الفاسدين على الفلاحين، سرقوا المخطوطات، والكنوز الثمينة والتحف، سرقوا البشر، وبعد ذلك يأتي الأحمق المطاع ليذكرنا بأجداده.. وليت الأحمق المطاع يدلُّنا على عدد الجامعات والمدارس التي أنشأها آل عثمان في بلاد العرب، أو المدن الجديدة التي شيدوها، على العكس كانوا يطبقون نظام السخرة، أي العمل بدون أجر، على ملايين العرب الذين خدموا في الجيش العثماني، وفي بناء ما تم به تعمير تركيا الحالية.


الأحمق المُطاع أراد إحياء التاريخ العثماني من أجل إقناع العرب بالخضوع لتركيا العثمانية، ولم يكن يدري أن إحياء التاريخ العثماني سوف يدفع العرب لكراهية تركيا.