السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قيمة العاطفة

مخطئ من يظن أن الحياة تستقيم بالعقلانية فقط، وأن العاطفة لا تعدو كونها مؤثراً سلبياً يمنعها من رؤية الأشياء على حقيقتها.

ومخطئ أيضاً من يظنُّ أن العاطفة سمة ضعف، لا يليق بالأقوياء الاتصاف بها، فالإنسان السوي يُحكّم عقله عند اتخاذ أي قرار، لكنه في الوقت نفسه يُبقي عاطفته متيقظة لتضفي على أي قرار يتخذه مسحة من الإنسانية والرحمة.

في كثير من المواقف ذات الطبيعة الخاصة تكون العاطفة أقرب إلى الحكمة من العقل، لأنها ترتبط ببصيرة الإنسان أكثر من بصره، وبقيمه السامية أكثر من مصالحه الضيقة.


الإنسان الذي يوازن ما بين عقله وعاطفته لا ينظر للماديات باعتبارها غاية، ولا يخضع لها، وإنما ينظر إليها باعتبارها مجرد وسيلة، ويُخضعها لخدمة غايات أسمى، ولا يطمع فيما ليس له، لأنه مكتفٍ بما عنده.. ولا يهدر عمره بأكمله في اللهث وراء المال، لأنه يدرك أن للمال أثراً محدوداً في حياته، وأن بقية الأثر تكمن في أشياء أخرى غير مرئية وغير ملموسة.


عندما تتحرك عاطفتك تجاه عامل مسكين حاجته فعلية للعمل، فتمتنع من تلقاء نفسك عن إنهاء عقده، وتحاول إعادة توظيف مهارته في مجالات أخرى تخدم المؤسسة، فأنت بهذا الموقف النبيل تصل إلى مستوى مرتفع جداً من السعادة الذاتية لا تستطيع أموال الدنيا أن تحملك إليه.

هذه التفاصيل الدقيقة والجماليات المتوارية عن الأنظار لا يفطن لها من يفكرون بعقولهم فقط، دون أن يفتحوا نوافذ عواطفهم، لأنها - كما ذكرت سابقاً ـ ترتبط بقيم الإنسان أكثر من ارتباطها بمصالحه الضيقة.