الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

اللقاحات.. الحلم والحرب

عَرف العالم عدة أشكال من الحروب، حروب بين الجيوش تُستخدم فيها طلقات الرصاص والبارود، وحروب باردة كالتي نشأت بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وحروب اقتصادية كانت أدواتها تعزيز الصناعات والوسائل التجارية وغزو الأسواق.

الآن نشهد حرباً من نوع آخر، وهي حرب اللقاحات، فالعالم الآن يسرع بشكل كبير لإنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بعضها نال اعتماد المؤسسات الطبية الأهم في العالم، والبعض الآخر لا يزال في مرحلة التجريب، وبعض أخير يبقى إلى الآن في المعامل ومراكز البحوث والتطوير، وينتظر الخروج إلى النور لينضم إلى البقية.

الأشهر هو لقاح «فايزر ـ بيونتك»، والذي تتعدى نسبة فاعليته - كما قيل في بعض الوسائل العلمية - أكثر من 95%، وثانيها هو لقاح «موديرنا» الأمريكي، والذي تتعدى نسبة فاعليته أكثر من 93%، وكذلك اللقاح الروسي «سبوتنيك V» والذي قيل كذلك إن نسبة فاعليته تتعدى 91%، إضافة إلى اللقاح الصيني «سينوفارم» الذي بدأت مصر في تطعيم الأطقم الطبية به.


قراءة خريطة اللقاحات وتأملها يكشفان أنها خريطة واضحة للعالم المتقدم علمياً، إذ تقف أوروبا كداعم واضح للقاح «فايزر»، إذ اعتمدته أكثر من دولة من دول القارة العجوز، فيما يدعم الأمريكان لقاحهم بشكل واضح، وكذلك الروس، أما الصينيون فهم أيضاً أرادوا دخول السباق، ولا عجب في ذلك حيث إنهم مكمن بؤرة الفيروس الأولى.


هذه الحرب - وإن أطلقنا عليها هذا اللفظ - حرب حميدة مفيدة للعالم، ربما تكون الأولى من هذا النوع في العصر الحديث، فالعالم الذي يتسابق لمواجهة وباء شديد الفتك لا بد أن تشكره الشعوب، وتنحني تقديراً وعرفاناً له، لأنه بالتأكيد سيكون بداية نهاية انتشار الفيروس.

ولكن الحرب في النهاية حرب، فالسباق سيتخلله كثير من المناورات والشائعات والمضايقات، التي تهدف للتقليل من لقاح عن آخر، وهي أمور مفهومة ومعتادة، ونأمل أن تكون مجرد معارك بسيطة هدفها السبق نحو الأفضل، لا نحو التعجيز عن الوصول إلى شيء يفيد البشرية، ويسهم في بقائها.

حرب لقاحات كورونا ربما ستكون الحرب الأهم في القرن الحالي، والأكثر فائدة لشعوب العالم، عكس كل الحروب السابقة، لذا فالدعم واجب لأي حرب علمية، وأي سباق نحو الأفضل والأكثر تطوراً.