الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الصَّالُون الأدبي للمقالات

على مرِّ العصور عرفت المجتمعات المختلفة التجمعات الثقافية بأشكالها المتنوعة، ومنها الصالونات الثقافية أو الأدبية، ومع تطور وسائل نشر الثقافة التقى الكتاب والمبدعون على «صفحات الرأي» في الصحف المختلفة، التي أصبحت بمثوبة صالونات أدبية لكُتّاب المقالات وهم يطلقون لِسِنِّ قلمهم أن ينوب عن لسانهم في تبادل المعارف والثقافات.

وما يميز صفحات الرأي بمسمياتها المختلفة التي تطلقها الصحف أن مساحاتها أصبحت واسعة تستوعب عدداً أكبر من رواد الصالونات الثقافية التقليدية، التي كانت مقتصرة على عدد محدد من النخب والمثقفين، ولكن مع انتقال صفحات الرأي للنشر الإلكتروني سهلت على كثيرين أن يدلوا بدلْوِهم بعد أن وجدوا لأنفسهم مساحة في هذا الفضاء الرحب.

قد تتشابه كثير من الصحف سواء الورقية أو الإلكترونية في صفحاتها الإخبارية والتخصصية، دون أن نغفل التميز في أسلوب الطرح والتوجهات، إلا إن اختلافها يظهر من خلال صفحات الرأي وتنوع أقلام كتابها، ويعتقد البعض أن صفحات الرأي مجرد صالون أدبي يلتقي فيه مجموعة من النخب والمفكرين والكُتاب لكتابة المقالة فيما بينهم والأمر ينتهي عند هذا.

لكن الحقيقة، أنَّ كثيراً من الدوائر في بعض الدول لا تهمل متابعة هذه الصفحات لأغراض عدة، منها رصد أقلام كُتاب المقالات لمعرفة الجو العام للمجتمعات والأحداث التي تقع فيها، ومتابعة الآراء المحيطة بتلك الأحداث والوقائع المختلفة سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، رياضية وغيرها.

كما أن مراكز الدراسات وبعض المؤسسات التخصصية في العالم تتابع ما تجود به أقلام أصحاب تلك المقالات من أفكار خلاقة وآراء جديرة بالاهتمام، والعمل بموجبها، ومنهم من يضعها من ضمن استراتيجياته وتوصياته الإدارية والفنية، وقد يقوم شخص ما بتبنِّي طرح كاتب مقالة في صحيفة ما، وأحياناً ينسبه لنفسه بأنه صاحب الفكرة والرأي، مُستغلاً كرم كاتب المقالة الذي لم يحتفظ برأيه للاستثمار الشخصي وإنما نشره لتصل رسالته لغايتها في إفادة الآخرين.

وهناك من كُتاب المقالات من يستخدمون حقهم الطبيعي والمكتسب في تسويق إمكانياتهم المعرفية وهم ينشرون مقالاتهم، ولكن البعض يتجاوز هذا الحق عندما يُشْعِر القارئ وهو ينهي المقالة أن كاتبها يريدها فقط لإضافتها لسيرته الذاتية دون الاكتراث بالفائدة العائدة على القارئ العام أو المتخصص، لا سيما إذا كانت المقالة تخالف الحقائق، أو كانت تخلط بين طرح الرأي ونشر الخبر، أو أنها تُعَرِّف المُعَرف أو تُعَقد المُبَسّط.