الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

2020.. العام الأول

غداً، الخميس، هو اليوم الأخير في عام 2020، العام الأول في الحرب الكونية، الحرب العالمية الثالثة، التي لا نعرف متى يمكن أن تنتهي؟ إنها حرب شنّها فيروس متناهي الصغر، لا نعرف كذلك من أين بدأ؟ ولا كيف انطلق؟ ولا أين سيصل؟ لكنه شغل الإنسانية والعالم كله، ولم يفرق هذا الفيروس بين دولة عظمى، وأخرى صغرى، ولا تمييز لديه بين عالم أول أو ثالث، لقد أصاب الجميع، الغني كالفقير، والوزير قبل الغفير.

عدد الذين أصيبوا به، طبقاً للأرقام الرسمية تجاوز 80 مليون فرد، طبقاً لإحصاءات 28 ديسمبر الجاري، وطبقاً لبعض التوقعات الطبية، فإن أرقام الإصابات الفعلية قد تتجاوز 20 ضعف هذا الرقم، أي: إن الإصابات حول العالم تقترب من المليار، ناهيك عن الموتى الذين تخطى عددهم 1.7 مليون شخص.

الخسائر الاقتصادية والإنسانية نتيجة فيروس كورونا فادحة، فالاقتصاد العالمي مهدد بالانهيار، ومعدلات البطالة في ارتفاع حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها، وشركات عالمية مهددة بالإفلاس، كما أطاح الفيروس برئيس الدولة العظمى في العالم، وسكان لندن يفرون منها إلى الأرياف والمدن المجاورة، ونحو أربعين دولة أغلقت مجالها الجوي والبري والبحري مع بريطانيا خلال أيام، في مشهد لم يحدث حتى أثناء الحرب العالمية الثانية.


منذ أغسطس 1949، حين فجر الاتحاد السوفيتي قنبلته النووية، نشط المحللون والمتنبئون، وسنوياً يتوقعون نشوب الحرب العالمية الثالثة، ويتخوف العالم من صدام نووي وغبار ذري يطبق عليه، ثم انهار الاتحاد السوفيتي سنة 1991، فراح المحللون يبحثون عن عدو جديد ويتخيلون شكل الحرب العالمية ومداها، ولكن إرادة الله غالبة، فقد نشبت الحرب خارج كل التوقعات هذه المرة، لا حلفاء ولا محور، ولا شيوعية في مواجهة الرأسمالية، ولا شرق في مواجهة الغرب كما توقع أساطين الاستعمار قديماً، وسقطت مقولات الصراع الحضاري ونهاية التاريخ.


كل البشر في مواجهة عدو غير مرئي يمكن أن يتواجد في أي مكان، في غرف النوم والأسواق والمتنزهات، فأصيبت حياة الناس بالشلل، التباعد ثم التباعد.. لا تزاحم ولا تدافع بالمناكب، ولكل امرئ شأن يغنيه.

عام 2021 هو العام الثاني في الحرب الأكثر تفاؤلاً في عالمنا، ويتوقع بعضهم تراجع الوباء في خريفه، ويقول بعضهم إن التراجع سيكون مع نهايات عام 2022، أما المتشائمون فيتوقعون أن نتخلص من الوباء عام 2025.. وفي كل الأحوال سوف نتجاوز هذه الحرب طالت أم قصرت، ولا نملك الآن إلا الدعاء: اللهم لطفك.