الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الاجتهاد مستمر.. ومطلوب

يستدلُّ العلماء بقول الله، سبحانه وتعالى، في سورة النساء: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ على الاجتهاد، الذي هو نتاج المجهود العقلي للوصول للأحكام، التي لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة، ولم يصدر فيها إجماع متفق عليه.

كلمة «يستنبطونه»، معناها «يستخرجونه»، والرد إلى الله وإلى الرسول يعني الاستنباط من كتاب الله، سبحانه وتعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ويعني التأكيد على بذل الجهد في الوصول إلى الوجه المناسب للناس؛ وهذا الرد، بهذه الصفة، إلى الله تعالى، وإلى رسوله كان في حياته، أما بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، فهو إلى الحكام الذين ولاَّهم، رضي الله عنهم، وبعـدهم إلى ولاة الأمور، الذين نصبهم الله تعالى للحكم بين الناس بالشريعة، وإلى حَمَلة الشرع، المجتهدين في تعلمه وتعليمه؛ ومعروف تشجيعه صلى الله عليه وسلم على اقـتحام ميدان الاجتهاد، وألا يستنكف عنه المؤهل بدعوى الخوف من الخطأ، وفي الحديث: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»..

معلوم أن الله، سبحانه وتعالى، قد وضع في هذه الأمة في كل زمان ومكان، من قدر على الملاءمة بين الشريعة وبين جوانب الحياة، والقيام بمتطلبات ذلك ومقوماته وضرورياته المختلفة.

يقول الإمام «أبو أسعد السمعاني»، في الجزء الثاني من كتابه المهم (قواطع الأدلة في الأصول): «الضرورة داعيةٌ إلى وجوب القياس؛ لأن النصوص متناهية، والحوادث غير متناهية».

ويقول الإمام الشافعي في كتابه المشهور (الرسالة)، عند تناوله موضوع (القياس): «كل ما نزل بمسلم ففيه حكم لازم، أو على سبيل الحق فيه دلالة موجودة، وعليه إذا كان فيه بعينه حكم اتبعه، وإذا لم يكن فيه بعينه طلب الدلالة على سبيل الحق فيه بالاجتهاد».

وهو ما يؤكد أن من أهم ما يجب على طلاب العلم الانتباه إليه، هو جعل الشريعة ملبية لحاجات الناس المتطورة، وهذا لن يكون إلا بالبعد عن الجمود، ومراعاة اختلافات الناس، وعاداتهم وأعرافهم، والاجتهاد المستمر في استنباط فروع جديدة، من الأصول الثابتة.