الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

المملكة المتحدة.. تتفكك

الاسكتلنديون غاضبون لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، وعبّرت رئيسة الوزراء، نيكولا ستيرجن، عن هذا الغضب بوصفه «خسارة كبرى» لاسكتلندا «ولا يوجد اتفاق يمكن أن يعوض عن خسارتنا بمغادرة الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد لدينا حل غير الاستقلال والعودة إلى الاتحاد».

وتعتبر اسكتلندا المكون الثاني للمملكة المتحدة، ويبلغ عدد سكانها 5.5 مليون، بعد إنجلترا (56 مليوناً)، أما المكونان الآخران للمملكة، فهما ويلز (3 ملايين)، وأيرلندا الشمالية، (2 مليون).

كان الاسكتلنديون قد صوتوا بنسبة 62% لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، بينما بلغت نسبة المقترعين لصالح البقاء في عموم بريطانيا 48%.


وعلى الرغم من العيش المشترك مع الإنجليز في دولة واحدة لـ417 عاماً، فإن هناك شعوراً متزايداً لاستعادة دولتهم السابقة التي اتحدت مع بريطانيا عام 1603، عندما ورث ملك اسكتلندا، جيمز السادس، عرش إنجلترا، ليصبح ملكاً على إنجلترا وأيرلندا إضافة إلى اسكتلندا، فتوحدت الممالك الثلاث في ظل عرشه، لتُشكِّل المملكة المتحدة.


وبعد استقلال أيرلندا عام 1922، سعى الاسكتلنديون إلى الاستقلال أيضاً، وأسسوا «الحزب القومي الاسكتلندي» عام 1934، لكن دعاة الاستقلال ظلوا أقليَّة، إذ واصل الاسكتلنديون تمسكهم بالمملكة المتحدة، التي كانوا المبادرين إلى تأسيسها وقيادتها، لكنهم صوتوا للحكم الذاتي في استفتاء عام 1997.

واحتفظت اسكتلندا بهويتها كبلد متميز، فقانونها ونظامها التعليمي مختلفان، وثقافة شعبها ونمط حياته متميزان، لكن اللغة الأصلية (الغاليكية) اختفت كليّاً لصالح الإنجليزية.

لكن الهوية الاسكتلندية بقيت سائدة، وأخذ الناخبون يصوّتون للحزب القومي الاسكتلندي، بدلاً من حزب العمال، فأصبح القوميون يقودون الحكومة والبرلمان منذ عام 2007، وفي عام 2014، اضطرت الحكومة البريطانية إلى إجراء استفتاء على استقلال اسكتلندا، لكن دعاة الوحدة تفوقوا على دعاة الاستقلال، بنسبة 55% مقابل 45%.

ومع مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، أصبح طريق الاستقلال سالكاً، وإذا ما أُجري الاستفتاء ثانيةً، وهذا مرجح، فإن النتيجة ستقود حتماً إلى انفصال اسكتلندا وتفكُّك المملكة المتحدة.. لقد قاوم القوميون الإنجليز الذوبان في أوروبا، سعياً لإعادة العظمة «للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس»، لكنهم أغفلوا التطور الثقافي والاقتصادي العالمي، فأسهموا في تفكيك دولتهم وإفقارها وتهميشها.

اسكتلندا مصممة على اللحاق بأوروبا، بينما أصبحت أيرلندا الشمالية فعليّاً ضمن الاتحاد الأوروبي، لأن إعادة الحدود بين شطري أيرلندا ستؤجج العنف بعد عقدين من السلام والوئام.