الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

دلالات اقتناء الجزائر لقاح «البريكس»

قلت في مقال سابق إن المستجدات الدولية تخلق تحالفات جديدة وتعزز التحالفات القديمة، وأشرت إلى العلاقات الجزائرية -التركية كنموذج حالياً، ومن المرجح أن تتعزز تلك العلاقات التركية- الجزائرية أكثر فأكثر في المستقبل المنظور.

وهناك عدة أسباب، لا يتسع المجال لتحليلها، لكن السياسة الدولية للرئيس الأمريكي ترامب تكون قد أسهمت في ذلك، فالدول تعزز مواقعها ضمن تحالفات تقليدية أو تتجه نحو تحالفات جديدة بناء على ما تتوقعه من خدمات أو مصالح أو حماية.

كوفيد-19 لعب دوراً كذلك في هذا الاتجاه، فحسب أحد أعضاء اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، فإن الجزائر قررت اختيار اللقاح الروسي «سبوتنيك في»، واللقاح الصيني. وقدّم لذلك تبريرين، أولهما: غير معقول مفاده: أن اللقاح الإنجليزي لم يعد متوفراً تحت ضغط الطلب، والثاني منطقي ومعقول: أن المواصفات العلمية للقاح الروسي أو الصيني تساعد الجزائر، منها درجة حرارة حفظ اللقاح.

والحقيقة تتربع وراء القرار خلفيات أخرى، وهي خلفيات استراتيجية، فقرارات ترامب التي أشرت إليها بخصوص المنطقة المغاربية، جعلت طبول الحرب تقرع على الأقل على شبكات التواصل الاجتماعي، ولا يمكن للجزائر أن تقتني اللقاح الأمريكي بينما كل أسلحتها تقتنيها من روسيا، التي وضعتها موضع «الزبون الموثوق» تمدها بآخر إنتاجها العسكري المتطور، مثل صواريخ إس 400 وحتى طائرات سوخوي 57.

كما أن سفير روسيا في الجزائر تحدث عن إمكانية إنتاج اللقاحات الروسية في الجزائر، وتصديرها نحو إفريقيا، إلى جانب العديد من المشاريع التي يمكن إطلاقها، إذا تحررت الجزائر من اللوبي الفرانكوفوني المهيمن على الإدارة، والذي يشن حملة تشويه ضد المنتجات الصينية أو الروسية، فالروس أو الصينيين يلقحون بلقاحهم منذ سنوات طويلة، ولو لم تكن اللقاحات فعالة لأصبح عدد سكانهما في درجة الصفر.

ونفس الشيء ينطبق على اللقاحات الصينية، والجزائر كانت من أوائل الدول التي تلقت مساعدات صينية هامة لمكافحة الوباء، كما حظيت بالأولوية في اقتناء مستلزمات مكافحته، ثم لا مانع بالنسبة للجزائر من تنويع اللقاحات من بلدان أخرى، لكنه من الضروري الحفاظ على الأسواق التقليدية والحلفاء الاستراتيجيين.

ثم هناك قراءة استراتيجية للموضوع، هي أن كلاً من روسيا والصين عضوان رئيسيان في مجموعة «البريكس» إلى جانب الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل، والجزائر لا تجد نفسها إلا في هذه المجموعة، لأن علاقاتها تاريخية ممتازة معها.