الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

خط أحمر جديد في ليبيا

تأتي زيارة الوفد المصري رفيع المستوى إلى طرابلس الليبية حاملة عدة رسائل مهمة، منها ما هو موجه للداخل الليبي، ومنها ما هو رد مباشر على التصرفات والممارسات التركية المهددة للمشروع العربي والأمن الإقليمي.

الموجهة للداخل الليبي فقد برزت في تصرف مصر واحترامها لليبيين وسيادتهم بإرسال وفدها رفيع المستوى بالزي المدني، في مواجهة تعمد تركي بإرسال وفود عسكرية بلباس (الحرب)، وهو ما يحمل ضمنياً إهانة واعتداء على السيادة الليبية.

ومن بين تلك الرسائل وأوضحها ما جاء مؤكداً ومرسخاً لثوابت الجغرافيا السياسية المصرية، ودائرة التأثير والتأثر بين القاهرة وطرابلس، حيث إنها لا تقف عند حدود سرت والجفرة فقط، فيما عُرف بالخط الأحمر المصري الذي وضعه الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه الشهير، يونيو الماضي، كحد أخير للاحتمال المصري، تقف عنده الممارسات التركية وميليشياتها الليبية لوقف إطلاق النار والعودة لمسارات الحل بين الليبيين، وهو ما فسرته تركيا وقتها على هواها، معتبرة أن مدن غرب وجنوب ليبيا ـ ما قبل وما بعد سرت والجفرة ــ هي ساحة مستباحة لها ولا تهم الإدارة المصرية.

كما جاءت الزيارة لتؤكد عكس هذا الوهم التركي، بأن الخط الأحمر المصري يمتد إلى أقصى نقطة الجنوب والغرب الليبيين وهذا الرد المصري جاء واضحاً بقرار فتح القنصلية المصرية جنوب ليبيا قبيل الزيارة إلى طرابلس غرباً، واتخاذ إجراءات في إطار إعادة فتح القنصلية والسفارة المصرية.

هذا الرد المصري جاء بليغاً وقوياً على ما تحاول تركيا تأكيده بترسيخ وجودها العسكري في غرب ليبيا، ومحاولات تدخلها في جنوبها، وهو رد يؤكد: أن الخط الأحمر المصري يمتد إلى أقصى الحدود الليبية كأحد مقتضيات ودوائر الأمن القومي المصري، وأحد دوائر الأمن القومي العربي والإقليمي من الزاوية الأوسع.

غير أن أهم الرسائل التي وجهتها مصر بزيارة وفدها رفيع المستوى إلى طرابلس، رسالة مفادها: حرص وإرادة وقدرة القاهرة على فرض احترام القرارات الدولية الصادرة لحل الأزمة الليبية، في مواجهة تعمد تركي بعدم الالتزام بهذه القرارات بما يمثل إهانة اعتادت توجيهها حكومة الرئيس أردوغان وحزبه للمجتمع الدولي عقب كل قرار أو إجماع دولي على حل الأزمة الليبية بشكل مُرضٍ للشعب الليبي أولاً ولدول الجوار ثانياً، لاعتبارات الموقع الجغرافي الذي يحول ليبيا إلى بوابة أمن لكثير من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، وأن أي عبث تركي في ليبيا هو تهديد مباشر وصريح لكل الدوائر المتشابكة مع الجغرافيا الليبية.