الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إفريقيا.. والمستقبل القاتم

يبدو أن النهاية السعيدة لقضية «بريكست» التي تم التوصل إليها مؤخراً، والتي جاءت بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أتت لتفتح مجالات جديدة للعودة إلى بعض المعايير التي كان يقوم عليها «النظام العالمي»، وبدا أيضاً، وكأن بعض عناصر التوترات الإقليمية اقتربت من إيجاد الحلول المناسبة لها.

قد يؤدي استقرار الحكم في أمريكا، وتقوية أواصر الوحدة الأوروبية، لفتح المجال أمام الديمقراطيات الغربية للتعامل، وربما تستحق إفريقيا أكبر قدر من الاهتمام، وقد اهتزت - التي تُعرف باسم «قارة القرن الحادي والعشرين» - بسبب عوامل مثيرة للقلق وزعزعة الاستقرار، في الوقت الذي تُثبت فيه أنها تمثل المخزن الأكبر للموارد المعدنية والزراعية إلى جانب قدرتها الكامنة على إنتاج الطاقة «الخضراء»، فإن من حقها أن تحظى بنمو سريع يستفيد منه كل سكانها وخاصة الشباب الحضري، وبالمزيد من الاهتمام والالتزام.

وفي غياب سياسات جادة للتخفيف من حالة الفقر، وتعزيز الطاقات الشَابة، فإن هذه المصادر المتنامية يبدو أنها تمثل سبباً لإثارة الاضطرابات بدلاً من كونها مصادر للتنمية.


ومن منطقة الساحل وحتى القرن الإفريقي، لا يبدو أن هناك حلولاً دائمة لهذه الأزمات الهيكلية المعقدة، وفي منطقة الساحل، يبدو أن غياب البنى التحتية والفرص الاقتصادية يمثل السبب الأساسي لعدم الاستقرار والهجرة الجماعية إلى أوروبا.


وفي الجنوب تهدف المنافسة للسيطرة على الموارد من خلال تدخل الاستثمارات الأجنبية الضخمة، ونتيجة لذلك، برز الإسلام الراديكالي بقوة بقيادة مجموعات إرهابية كما ظهرت الانقسامات القبلية لتزيد من حدة التطرف والعنف.

وفجرت العداوات القديمة بين الفلاحين والبدو الرّحل والمزارعين في منطقة الساحل الحقد، بدلاً من التعاون والتضامن اللذين سادا المنطقة منذ قرون.

وبالاتجاه أكثر نحو الجنوب، من خليج غينيا حتى المحيط الهندي، يزداد القلق من استحواذ الشركات الأجنبية على المصادر الطبيعية من دون أن تحقق المجتمعات المحلية أي فائدة منها.

ويبدو أنه ما من شيء جديد هناك يستحق الذكر فيما عدا العنف، الذي تمارسه الفصائل الإرهابية التابعة لجماعة «داعش» شمال الموزمبيق وما تقدم عليه من انتهاكات مروعة.

وتُعزى الانتهاكات التي يتم ارتكابها ضد الفلاحين للغضب الناتج عن استغلال حقول الغاز الطبيعي التي تم اكتشافها مؤخراً في عرض البحر، والتي لا تؤدي إلا إلى إصابة سكان مقاطعة كابو ديلجادو بالتلوث.

واتضح من مجريات الأحداث أنه لا التدخل العسكري الأجنبي ولا جهود الاتحاد الإفريقي تكفي لنزع فتيل الصراعات القائمة هناك، ولا أن تؤدي إلى حلول دائمة.

كما أن الحملات الانتخابية الصورية والمشكوك فيها التي يجري تنظيمها بين الحين والآخر في العديد من دول إفريقيا، لا تمثل دليلاً مقنعاً على الاستقرار والتعافي ولا تحظى بالموافقة الشعبية الواسعة.

ولهذه الأسباب، يمكن القول: إن إفريقيا أصبحت على أبواب الاضطراب والانهيار على الرغم من مساهمتها الكبيرة في الاقتصاد العالمي.