الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

دورات التدريب.. وبيع الوهم

تعدُّ دورات التدريب في التنمية البشرية ضرورية لتنمية قدرات الفرد، ورفع كفاءته العقلية والعلمية والاجتماعية والإنسانية، وزيادة ثقته بنفسه وتمكينه من التكيف والتواصل الاجتماعي، لكن هذه الدروس التي من المفترض أن تكون نافعة ومفيدة تحوَّلت في السنوات الأخيرة إلى عملية تجارية بحتة، حيث لا يتم التدقيق في هوية وكفاءة المدرب الذي يقدم الدورة.

هناك فرق بين شخص ناجح يعطيك خلاصة تجاربه مثل «ورن بافيت» و«بيتر دراكر» و«بيل غيتس»، وبين شخص حافظ (مش فاهم) لعبارات وحكم مثل: «أنت تستطيع، لا يوجد مستحيل، أخرج البطل الذي داخلك» ويستمر في سرد قصص الآخرين، وكأنه هو من تسبب في نجاحهم.

لذلك نقول: إن الدراسة مع الخبرة والتدريب هي المعادلة التي يجب أن تتوافر في المدرب، حتى لا يخرج المتدرب دون أن يستفيد شيئاً سوى بعض الحماسة تنتهي بعد أيام.


بعض الدورات تقودك إلى الخمول الذي تصنعه أحلام اليقظة، ذلك أن النجاح الموعود جعلهم يستمتعون بالمستقبل، قبل أن يصبح حقيقة، وأن يحصلوا على رضا وهمي وشبع نفسي، قد يقضي تماماً على أحلامهم، إذ كيف يتسنى النجاح لرجل في تسلق الجبل وهو دائم النظر لقمته، ومهملاً موضع قدميه؟


الثقة في النفس أمر جيد، لكنها لا تصنع شيئاً بمجرّد إقناع النفس بالقدرة عليه، فالتدريب مع الممارسة العملية هي المفاتيح لتحقيق أهدافك.

تستثمر المؤسسات والجهات الحكومية الملايين سنوياً على الندوات التحفيزية، والمحاضرات التي يعقدها خبراء التنمية البشرية وتطوير الذات، وتتفنن أقسام التدريب في اختيار الدورات للموظفين ولكن ماذا عن مستوى المدربين أنفسهم؟ وهل استفاد المتدربون فعلاً؟ وكيف انعكست فائدة هذه الدورات على عملهم أو حياتهم الطبيعية؟.. مثل هذه الأسئلة وغيرها لا يهتم بها قسم التدريب ولا حتى الإدارة، فقط المهم إنجاز العمل عن طريق تعبئة ميزانية التدريب بدورات.

حاول أن تتذكر كم دورة دخلتها واستفدت منها بشكل حقيقي في الحياة أو العمل، سوف تجد العدد قليلاً جدّاً، والسبب إما أن الدورة عنوانها مهم ولكن مستواها ضعيف، أو أنك كالعادة (ساهٍ ولاهٍ في الدورة) وتنتظر في نهايتها صديقاً أو رفيقاً يساعدك على إجابة أسئلة الاختبار، ومع ذلك نُوهِم أنفسنا بأننا تعلمنا وتطوّرنا، أفراداً ومؤسسات.