الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الفن.. تأثير وتأثّر

غير خافٍ الدور المؤثر الذي تلعبه المنصات، التي تقدّم أفلاماً ومسلسلات خارجة عن إطار الثقافة والدين والأخلاق التي نشأنا عليها، إذ يمكن أن تحاول إزاحة قيم محل أخرى، أو تفكيكاً أو بناءً حسب رغبة أو أجندة الأشخاص القائمين على هذه المنصات، لكن الأوان قد حان لتفعيل علاقة ندية بين هذه المنصات والمتلقي، من خلال تمكين هذا الأخير من أدوات النقد والتناول الموضوعي لفكرة المحتوى بعيداً عن أي اعتبارات أخرى.

إن هذا التوجه يقتضي أن نركّز على دور المتلقي وصقل مهاراته في البيت والمدرسة عوضاً عن حجب محتوى يتنافى مع معاييرنا الثقافية والأخلاقية والدينية، لكنه يمكن أن يحمل قيمة فنية أو فلسفية عالية، وهذا يعني أننا سنخسر نافذة قد تسهم في الارتقاء بالذائقة الجمالية والفنية لدى الأفراد مقابل الحفاظ على الإطار الذي نخشى أن يمسه شرخ أو كسر.

إن التوجّس من قدرة الإعلام والمنصات الفنية على التمادي وتخطي الخطوط الحمراء أمر مشروع ولا ينبغي أخذه على محمل التهاون والبساطة، لكن المبالغة في الخوف والتنصل من تحمل المسؤولية في مواجهة هذه المحتويات المخالفة ليس حلاً أيضاً، خاصة أننا في عالم مفتوح لا حواجز فيه.


وبالتالي، حين نشاهد أعمالاً فنية أو نقرأ أدبيات خارجة عن أطرنا علينا أن نتوقّع المخالفات ونتحضّر لها، فنشاهدها من زاوية موضوعية تماماً من أجل الفن أو الأدب، ولفهم الآخر المختلف والمخالِف، وليس من أجل أن نتأثر ونصبح مثله.


وهذا يتطلب قوة داخلية كبيرة توازن بين الانفتاح وعدم التأثر سلباً به، ما يعني عملاً أصعب ويحتاج إلى الكثير من الجهد.. فهل نحن قادرون على ذلك؟