الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

2021.. عام الاستثمار في الإنسان

كثيرة هي الأحلام والأمنيات التي ستصاحب عام 2021، سقف التوقعات والآمال بأن تعود الحياة إلى ما كانت عليه قبل 2020، عالٍ جدّاً، بل يتوقع كثيرون أنه بنهاية العام تعني نهاية المشكلات والأزمات التي صاحبته، ونهاية الجائحة التي ميزته بكل تأثيراتها وتداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لكن الواقع يقول إن ما عشناه في السنة الأخيرة يصعب أن يختفي فجأة مع بداية السنة الجديدة، وإن العودة إلى الحياة الطبيعية يحتاج وقتاً أطول، هذا إذا لم تكن عودة الحياة إلى ما كانت عليه أمْراً مُستحيلاً، في ظل تداعيات كورونا وما حملته من تغيرات شهدها العالم، سواء على مستوى السياسات الدولية والاقتصادات الكبرى أو العلاقات الاجتماعية.

من ناحية أخرى، القارئ للأحداث التي ميزت نهاية العام المنصرم يكاد يجزم بأن العام الجديد لن يكون سوى استمرار لسابقه، خاصة في المنطقة العربية.. فبين انفجار عدن الأخير، وقصف دمشق، وحرق مخيم للاجئين السوريين في لبنان، واحتفالات فتح بانطلاق شرارة الثورة الفلسطينية، ودق طبول الحرب مجدداً في ليبيا، وتصاعد الصراع في العراق بين واشنطن وطهران، ودخول الجيش السوداني في مواجهات مع ميليشيات إثيوبية، يدخل العالم العربي عام 2021 مثقلاً بأزمات قديمة وتحديات جديدة تفاقم مشاكله السياسية وتزيد من أخطار تمزقه.

2020 ترك شروخاً وندوباً على جبين العالم أجمع، بعدما فقدت عائلات أحباءها، وخسر الملايين وظائفهم، وانهارت اقتصادات، وتسيّد الخوف وعدم الشعور بالأمان، ولم يمنع هذا العام بكل إكراهاته من استمرار الحروب وتفاقم الأزمات.

واليوم، الجميع يترقب ولادة جديدة، وإن كنا على يقين أن عالماً جديداً يتشكل بمعطيات وملامح وتحديات مغايرة، فالتاريخ لا يكرر نفسه، و«لكنه غالباً ما يكون له قافية»، كما يقول الكاتب الأمريكي مارك توين.

كل ما نحتاجه، عربياً تحديداً، في هذه المحطة المفصلية من تاريخ العالم والإنسانية، هو حل النزاعات التي مزَّقت جسد المنطقة، وضيَّعت عليها فرصة الاستقرار والتقدم، وأيضاً استغلال ظروف كوفيد-19 من أجل تطوير المنظومة الصحية، والاستثمار في التعليم عن بعد، وتسريع إدماج الاقتصاد الرقمي، والأهم الاستثمار في بناء الإنسان، فالإنسان هو المستقبل، ولا مستقبل واعداً بدون إنسان حر وواعٍ.