الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

حينما نُصَاب «بالصمت»

لا ضجيج ولا اتصال، ولا التفوّه بفوضى الكلمات المتلعثمة المجاملة.. نصاب أحياناً بـ«الصمت» كداءٍ ودواء، لتكون الفلسفة فيه تسمو بالنفس عن توافه الأمور، وتهذبها لكي لا تنطق بكلمة حانقة خانقة.. فكم من كلمة خرجت من الأفواه وكلفت حيوات.

نصاب بالصمت، حينما لا نجد ما يعبر عن خلجات المشاعر المكبوتة، وحينما نقرأ في عيون السائلين أجوبة صاغتها عقولهم قبل إن تنطق ألسنتهم بالسؤال.. نختار هنا السكوت والتحديق فتكون النجاة أو يكون الضياع.

نظن بالصمت خيراً ليكون وسط الأمور وحيادها، لكن لا جدوى منه تحت مطرقة القوة، وسندان القانون الذي لا يعرف له حلاً.. بل هو أحد أدوات العقاب!! ترياق الصمت عالج ضوضاء المدن بخرير الماء وحفيف الأشجار، ولكن ماذا عن ضوضاء دواخلنا، التي يرتفع صوت نرجسيتها ليعيق البلاغة الكلامية الكامنة في الصمت فيرتطم بجدار الذات الممتنعة عن التلفظ.. إلى أين المفر؟!


نعاند الكلام لنتجنب الخسران حيناً، ولنتمنع عن مغالطة أنفسنا أحياناً، وإن كنا على خطأ، فهناك صمت نفسي واجتماعي وفكري وسياسي وثقافي، وصمتٌ بين العلاقات وغيره.. يكون كله تحت بند الإنقاذ كما هي الموناليزا التي احتار في صمتها النقاد والشعراء والكتاب مع ملامحها الصادمة، وهكذا هي أرواحنا في صدام دائم مع أرفع فنون الكلام الذي لا همس له.


ومع فائدة الصمت على الروح، تأتي فائدته الصحية لتستفيد منه كيمياء الدماغ، فتنمو خلايا جديدة، حيث توصلت دراسة إلى أن ساعتين من الصمت يمكن أن تخلقا خلايا جديدة في منطقة الحصين، المرتبطة بالتعلم والتذكر والعواطف، إلى جانب خفض الضغط وحمية القلب، فدقيقتان من الصمت أكثر راحة من الاستماع إلى الموسيقى.