الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

التقليد والتجديد.. حرب مستمرة

تابعتُ قبل عدة أسابيع نقاشاً بين شخصين حول موضوع يتعلّق بأحد أنواع اللباس ومدى شرعية ارتدائه، ورغم عدم وجود نص شرعي واضح وقاطع يبت في تحريم لبسه، إلا أن الشخص الذي يرى بحرمته أصر على موقفه ودافع عنه بضراوة، وكأنه حقيقة مطلقة لا تقبل النقاش.

القليل من التمعّن والتفحّص في الموضوع كفيل بإخبارنا بأن الكثير من الأمور التي تُسلّم بها المجتمعات، سواء بتحليلها أو تحريمها، هي في الواقع لا تعدو أن تكون مجرّد عادات أو أعراف لم تنفك المجتمعات عن تقليدها جيلاً بعد جيل، إلى أن أُلبست ثوب القداسة الذي لا يُمسّ.

ومن أبرز وأبشع صور التمسّك بالأعراف في المجتمعات المقلّدة هو استعباد المرأة ورضوخها للرجل، والذي غالباً ما يُبرّر له دينياً رغم أنه لا يعدو سوى أن يكون تقليداً توارثه الناس.


مثال آخر على القهر والتسلّط هو استغلال الآباء لأبنائهم، الأولاد والبنات واعتبارهم أملاكاً خاصة يُتاجر بهم الأب لمصلحته.


وأكثر السيناريوهات رعباً وخطورة هو إذا ما قامت السلطات السياسية باستغلال مثل هذه العادات المشينة المتوارثة وتوظيفها لصالحها من أجل فرض هيمنتها على المجتمعات المغلوبة على أمرها، ويُصبح الأمر كارثياً عندما يُوظّف الدين لأجل أهداف سياسية رخيصة.

في ظل الجمود الفكري في مثل هذه المجتمعات، تكون أي محاولة من أحد أفرادها لمناقشة الأعراف والتقاليد أشبه باللعب بالنار، وتكون العواقب وخيمة.

ورغم أنني أنتمى للتيار الذي يُناصِر التّجديد ويُدافع عنه، إلا أن وجود تيار محافظ ـ رغم شراسته وعنفه بعض الأحيان ـ هو بمثابة صمام أمان أمام انفتاح لا تُحمد عقباه.