السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمبراطورية الأمريكية.. بداية الانهيار

شعرت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم بالصدمة بسبب أحداث 6 يناير، عندما احتلت حشود المتظاهرين مبنى البرلمان، ومنذ زمن بعيد، كان الأمريكيون يحاولون إقناع العالم أجمع بأنهم يمثلون النموذج الحقيقي للديمقراطية، وربما يكونون قد تمكنوا من إقناع أنفسهم قبل غيرهم بهذا الشعار الدعائي البحت.

واليوم، يبدو أنهم أصبحوا في حالة من التشوّش.. فكيف يمكنك أن تنتقد أساليب إجراء الانتخابات في الدول الأخرى إذا كانت الانتخابات في بلدك يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه العواقب؟

الشرخ العميق الذي يقسم المجتمع الأمريكي لا سابق له أبداً، وهو يعكس حقيقة الأزمة الخانقة التي تواجه النظام الفيدرالي، وترامب ليس رئيساً خاسراً فحسب، بل إنه يعكس الحالة المزاجية لمجموعات بشرية ضخمة بدأت تعمل على توحيد قواها ضمن حركات سياسية جديدة.


ويكمن أساس هذه الظاهرة في نشاط اليمين المتطرف الذي يحاول منتسبوه إضعاف دور الدولة في كل القطاعات الاقتصادية، وأيضاً بسبب الدور الذي تلعبه الجماعات المسيحية المحافظة التي تسعى لاستصدار قوانين وتشريعات تتطابق مع رؤاها وتفسيراتها للدين.


وهناك أيضاً نسبة مهمة من الأمريكيين «البيض» من أبناء الطبقتين الوسطى والدنيا، الذين أدركوا أن السياسات الاقتصادية المتبعة خلال العقدين الماضيين هي التي أدت إلى إفقارهم، وظاهرة الانقسام تخترق العديد من القطاعات في المجتمع الأمريكي، وليست قائمة بين الحزبين القياديين فحسب.

وفي هذا الوقت بالذات، وبدلاً من أن يفكر قادة الحزب الديمقراطي بحشد جهود كافة الطبقات الاجتماعية لمواجهة الجائحة الفيروسية، إلا أنّهم مهووسون بالانتقام من ترامب.

وتشير إحصاءات ودراسات حديثة إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحدياً ديموغرافياً حقيقياً، ولأول مرة خلال تاريخها، سوف تشهد خلال السنوات المقبلة تحولاً مهماً عندما سيمثل «غير البيض» الغالبية العظمى من السكان (وهم الذين ينتمون لمجتمعات سريعة النمو الديمغرافي مثل الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي واللاتينيين والآسيويين).

وبدأت المراكز السياسية والمالية والثقافية التقليدية الواقعة في الشمال الشرقي (سواحل الأطلسي)، تفقد أرضيتها، فيما بدأت بعض المراكز ذات الثراء الفاحش والواقعة على الشاطىء الغربي (المحيط الهادئ) تقوي نفوذها في مفاصل السلطة المهمة.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة تبقى الدولة الأكثر قوة في العالم، وأنها قادرة على تجاوز الصعاب القائمة حالياً، إلا أن الأمراض الاجتماعية المتفاقمة التي تعمل على تآكل النفوذ الأمريكي في العالم سوف تستمر، ولا شك أن ظاهرة نمو الأخطاء الجديدة في المجتمع الأمريكي سوف تتواصل وستكون لها نتائجها السلبية.