الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

«إلياس الرحباني».. وهوية وطن

كثيرون بيننا تستهويهم الموسيقى، وآخرون لديهم محاولات في كتابة الشعر وكلمات الأغاني، وغيرهم يملكون موهبة الغناء، وبمحض الصدفة التقى ثلاثة، كان الموسيقي يحتاج إلى كلمات الشاعر وشعره، وكان الصوت يحتاج إلى موسيقي وكلمات كليهما، وكذلك الشاعر وجد ضالته في الصوت الموهوب واللحن الجميل، وبدؤوا المسيرة، هذا يكتب وذاك يلحن وهي تغني، مرت الأمور بعفوية ودون تكلف، ولأن العمل المخلص الصادق يصل بصدق، فقد أسمعت أعمالهم المحيط، وظلَّ هذا المحيط يتوسع حتى بلغ المحيط، ولم ينحصر بين الخليج والمحيط، بل تعداه إلى الخارج، فاتسعت الشهرة بما لم يكن متوقعاً.

هذه الشهرة ألزمت الثلاثة بالتحديث والتجويد والمزيد من الإبداع، ومع الإبداع المدعوم بالتفاهم والتناغم تشكلت مدرسة، تقرؤها في 23 مسرحية غنائية، وخمسة أفلام غنائية، وعدد لا يُحصى من الأغاني، وأول من نهل من هذه المدرسة أبناؤهم، وأخوهم الأصغر، ثم أبناؤه أيضاً.

وهكذا نشأت المدرسة الرحبانية من الأخوين عاصي ومنصور الرحباني برفقة الصوت الملائكي، أو قل الزجاجي، ووصفه محمد عبدالوهاب بالمخملي، وهو في الحقيقة الصوت الفيروزي، لأنه صوت فيروز فقط، وكذلك أخوهم الأصغر «إلياس الرحباني» الذي اتخذ خطاً آخر مستقلاً عن أخويه.


بإحصائية تقديرية ربما نجد موهوباً من بين عشرين موهوباً أو خمسين أو أكثر، هو الذي يصل للجمهور ويحرز شُهرة، لأن الوصول ليس بالأمر الهَيِّن، لكن الرحابنة لم يصيبوا الشهرة فحسب، بل هم رسموا ملمحاً لهوية وطن، وقد لا أبالغ إن قلت: إنهم بفنهم المميز بطابعه الخاص جداً، عمَّروا وطناً أثيرياً موازياً.. رحيل المبدع إلياس الرحباني استحضر القصة كلها.