الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمريكا.. فوق صفيح ساخن

جميع الأعمال غير الأخلاقية وغير القانونية وغيرها من الأعمال التي لا تليق بالإنسان السوي، هي في تجاهل الشخص لسلطة العقل وميله للتصرف تحت تأثير الرغبات والأهواء، كدوافع مخالفة لسلطة العقل، وهو ما جعل مبدأ عمل العقل يبرر الواقع، ويجعل كل شيء واقعياً وعقلانياً والعكس صحيح.

ما شهدته الولايات المتحدة في الأيام الماضية هي مفسدة السلطة اللاعقلانية، بممارسة العنف الإقصائي بإيعاز من الرئيس دونالد ترامب، وقد تجعل الرسالة اللاهوتية السياسية المرعبة، التي قدمها لأنصاره، أعداء للدولة أو أي نظام قادم إلى سدة الحكم في هذه البلاد، وبذلك ينقسم الشعب إلى قسم يسقط شهيداً للحرية، وقسم آخر يصفق للجلاد، مدفوعاً بولاء ضبابي وراء شعار العظمة والتميز عن الآخر.

على ذلك، كادت الولايات المتحدة تدخل مرحلة من الفوضى والعنف وحرب الكل ضد الكل، مع التحول الغامض واللافت لإدارة الأمن في واشنطن العاصمة، مقارنة بالمظاهرات الأخرى التي أقامتها (حالة حياة السود) أو حركات المسلمين أو الساميين، والتي عادة ما تُقابل بوضع قانوني قمعي صارم كما لو أنّ الدولة في هذه الحالات الأخيرة قامت بمأسسة العنف اللانهائي.


ترامب الذي حاول احتكار كل شيء من خلال سلطته السياسية التي سعى من خلالها للهيمنة، بكل الوسائل في تفسير خاطئ للقوة كقوة قسرية، لم يدرك حد تعبير الفقرة العشرين من المادة 14 من الدستور الأمريكي، الذي يتم فيه توقيف المسؤول الإداري الذي يحرض على العنف أو يستخدمه للبقاء في السلطة، ويمكن عزله ومحاكمته دستوريّاً.


بذلك أصبح هذا الرئيس بين مطرقة قانون الفصل الفوري وسندان قانون العزل والمساءلة في السلطة، في حال لم يقدم استقالته، وعدم فهمه أن التلازم بين السلطة والعنف لم يعد موجوداً في دولة ديمقراطية، ومقولة الغاية والوسيلة لم تعد القوة التي تتحرك على المستوى الحضاري، بل بالأحرى التماهي بين مفاهيم القوة وإضفاء الشرعية على السلطة هو المخرج، وهو الذي يمارس حالياً ضده.

ربما عزله عن توظيف تكنولوجيا وسائل الاتصال الشعبية على وجه التحديد (تويتر) ـ جوهر فعل العنف غير المبرر لديه ـ خير رادع وضامن للسلام فيما تبقت من أيام لتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، وهي فترة ستكون الولايات المتحدة فيها «فوق صفيح ساخن»، فحفظ الأمن وتطبيق القانون بحاجة لقوة لأجل حفظ مفاهيم الهيبة، ويبقى السؤال: هل سيصب الرئيس جو بايدن بحكمته البَرَد على سطح هذا الصفيح؟