الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

تابو «الجسد النسائي»

لا أنسى أبداً حينما كنت في مرحلة الإعدادية، عندما قامت مدرِّسة العلوم والأحياء بالمرور سريعاً دون شرح معمق ومفصل في وحدة تتناول مواضيع تخص الصحة الجسدية للمرأة، رغم أن الفصول الدراسية لم تكن مختلطة حينها.

وبعد انتهاء الحصة، تعالت ضحكات الفتيات، وبدأن بسرد قصصهن عندما تفاجأن بتحولات أجسادهن وانتقالهن المفاجئ لمرحلة البلوغ، دون وعي عميق بالتغيير الفسيولوجي والجسماني المصاحب لهذه الفترة، وحينها كانت الأمهات يرددن فقط عبارات مقتضبة مثل: «كبرتِ وأنت الآن امرأة.. ويجب أن تحفظي جسدك وتبتعدي عن الرجال».

أتذكر جيِّداً أن عيادات النساء حينها كانت تخص المرأة المتزوجة أو الحامل، وإن تواجدت فتيات في أعمارٍ صغيرة بصحبة أمهاتهن، تسود نظرات متوارية خجلة وأخرى متسائلة، وكانت الطبيبات يزدن الطين بلة بالمبادرة إلى سؤال الأم وليست الفتاة حول الأعراض، وما إذا كانت البنت متزوجة أو أنها حامل وغيرها، وهنا ترسخ في عقولهن أن «أجسادكن ليست لكُنّ، بل لآخرين سيظفرون بها وقت الزواج، ويتملَّكونها».


جسد المرأة كان في وقت ما «تابو»، ولا يزال كذلك في عدد من المجتمعات المحافظة، فكثيرات يفتقدن ثقافة العناية بصحتهن الجسدية، وضرورة زيارة عيادات النساء والتوليد بشكل دوري كما هي الحال مع الأسنان مثلاً.


هنا لا بد من تكثيف التوعية بذلك بين الفتيات والنساء، سواء عبر محاضرات مدرسية أو نسوية تعقدها المؤسسات المعنية بالمرأة، ليتم تعميق فكرة أن معرفة الجسد ليست مرتبطة بالممارسات الجنسية فقط، بل كل ما يتصل به من اضطرابات والتهابات وأورام، قد تُكْتشف مؤخراً لغياب هذه الثقافة والاكتفاء بشرب البابونج واليانسون في المنزل، وحينها لن تنفع الأحكام الاجتماعية التي توارينا خلفها خوفاً منها، ولا الخجل.. فجسدكِ ليس تابو.