الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تسطيح الأزمات

في اليابان يجري على ألسنة الناس مَثَل لطيف، يقولون فيه: «يأتي الحظ للبيت الذي يضحك أفراده دائماً»، وفي مصر يجري على ألسنة الناس مثَل يفيد المعنى ذاته، يقولون فيه: «اضحك للدنيا تضحك لك».

المثالان مبنيان على فرضية واحدة، لها ارتباط وثيق بقانون الجذب، أي أن الإنسان يجذب إلى نفسه ما يفكر فيه ويمارسه بصفة مستمرة، وبالتالي المتفائل يجذب إلى نفسه الحظوظ الجيدة، والمتشائم يجذب إلى نفسه الحظوظ السيئة.

وبما أن قانون الجذب ذاته لا يرتكز على أسس علمية يُعتد بها، فالموضوع إذن يحتاج إلى بعض التفكير والمراجعة، ومن المفيد هنا أن نتساءل: هل فعلاً يأتي الحظ للبيت الذي يضحك أفراده دائماً؟ وهل لو ضحكنا للدنيا، ستضحك لنا في المقابل؟ المتأمل لأحوال الأمم والشعوب، يلاحظ أن أكثرها معاناة هي أكثرها ميلاً للضحك، أي أن الإنسان الغارق في المشكلات، يلجأ في كثير من الأحيان إلى السخرية من ذاته لنسيان همومه، والتغلب على أحزانه.


ومن هنا يمكننا أن نستنتج - بشكل مبدئي ـ أن الضحك الكثير قد يكون مؤشراً على المعاناة أكثر منه على السعادة، وأن مفعوله مثل مفعول العقاقير المسكنة للألم، تخفف من معاناة المريض لكنها لا تعالج المرض المتسبب بمعاناته.


في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم يعاني مليارات البشر من أزمات حقيقية، كساد وبطالة وفقر، والأمانة العلمية تقتضي منا أن نتناول معاناتهم بشكل متعمق، بعيداً عن التسطيح، أو الإيجابية المفرطة.