الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إنها ملهمتي!

نحن لا نخاف الموت وإنما نخاف الحياة من دون حياة! فنحن في الواقع لا نحتاج لأن نتعلم كيف نموت، لأننا بالتأكيد سنموت حيث لا نعلم وكما لا نعلم ومتى لا نعلم، ولكننا بحاجة ماسة لأن نتعلم كيف نعيش وبالأصح كيف نتعايش لنعيش، لكيلا نموت فوق التراب قبل أن يحين موعد انتقالنا للعيش تحته، ومن هنا يعلمنا الموت معنى الحياة، في حين تعلمنا الحياة معنى الموت، فأجسادنا حتماً فانية كما أنها تفنى في كل ثانية، بل وستبقى مندفعة نحو الفناء مهما عاشت طويلاً، لذا لا داعي لقتل أرواحنا بأرواحنا، تماماً كأن نحكم على أنفسنا «بالموت مدى الحياة»! مع أنه بمقدورنا أن نقلب الحكم إلى «الحياة مدى الموت»! حسناً لا عليكم من هذه الفلسفة الآن، ولكن عليكم بالحب فهو كالماء يجعل من كل شيء فينا حياً.

اسمه (أحمد المكناسي) ولقبه (الغرباوي)، تقاسم روحه مع الجمال بالتساوي، فأصيب بحمى إبداعٍ تأبى التداوي، اقتحم مجال الغناء والتلحين بفضل موهبته الفذة، وعانى قسوة والده وشدة نفوذه، فقد كان الأخير يرى الفن مجرد مضيعة للوقت، حتى إنه كسر العود على رأس ولده من شدة المقت، ومع مرور الزمن وبقوة إصرار الموهوب (أحمد)، استسلم الأب وتراجع عن رأيه الأوحد، فدرس الموسيقى وتعلم العزف على الكمان، ولكنه تعلق بآلة الكونترباص واحترفها بإتقان، وهكذا أغدق العالم بأروع الألحان، فانتشرت أعماله في كل مكان، ومن أهم ما قدمه على الإطلاق رائعته (إنها ملهمتي)!

توفي (أحمد الغرباوي) الموسيقار المغربي والمَثَل الفني الأعلى للنضال، في عمر الـ71 داخل المستشفى بعد مرضٍ عضال، وقد بعث «الملك محمد السادس» آنذاك برقية تعزية إلى أفراد أسرته جاء فيها: [«إن رحيل هذا المبدع الملهم خسارة لا تعوض بالنسبة لأسرة الفن والطرب، التي فقدت بوفاته رائداً من رواد الأغنية المغربية الأصيلة».