الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مفاهيم معادية للعلم!

هناك ركام من المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، التي لا تزال عالقة في أذهان كثير من المجتمعات العربية، وأهمها طريقة التعاطي مع العلم بوصفه حلقة في مسلسل خرافي، صنعته الذهنية الغارقة في حبائل «نظرية المؤامرة» وقد ظهر ذلك جلياً خلال جائحة كورونا وتصدر بعض مشاهير التواصل الاجتماعي للتقليل من خطر هذا الوباء والسخرية منه، بل والدعوة للتمرد على القيود التي فرضتها الحكومات لمواجهة الوباء ومحاصرة آثاره الصحية المدمرة خصوصاً على فئات معينة من المجتمع.

وقد عكست التباينات في استجابة المجتمعات العربية لإجراءات التعامل مع جائحة كورونا فروقاً ملموسة، في الوعي المجتمعي لهذه المجتمعات التي كانت استجابة بعضها واضحة وملموسة، فيما تحول القلة من الملتزمين بتعليمات السلامة والتباعد الاجتماعي في مجتمعات أخرى إلى أقلية منبوذة ومثار للسخرية والتندر!

وتبرز المعضلة الحقيقية هنا، في تغول وسيطرة الأفكار السلبية التي لا تحترم العلم، وتركن كثيراً على مفاهيم خاطئة تم التسويق لها عبر منابر غير مسؤولة في ظل الانفلات الإعلامي الذي صنعته مواقع السوشيال ميديا، إضافة إلى استحضار مفاهيم اجتماعية موروثة و بالية، لاتمت للعلم بصلة، بل وتعتبره عدواً في كثير من الأحيان، كما هي حال بعض التيارات الدينية التي تعتبر العلم الحديث خصمها وتهديداً لنفوذها الذي لا يمتد وينمو إلا في مستنقعات الجهل والخرافة. لذلك تعمل على مناصبة العداء لكل ما يمت بصلة لمخرجات العلوم الحديثة وتمجيد وتبجيل أدوات الجهل َالخرافة.


وعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن نشير في هذا السياق، إلى طريقة تعاطي المجتمعات العربية أو جزء كبير منها مع مفهوم العلاج النفسي باعتباره حكراً على «المجانين» أو «المعتلين» فقط، فيما نجد أن الصحة النفسية في المجتمعات الغربية، باتت اليوم قريناً للصحة الجسدية بل وسابقة لها في حالات كثيرة، بل إن زيارة المستشار النفسي مقدمة في أحيان كثيرة على زيارة الطبيب، حيث أثبت العلم أن مرد وجذر كثير من الأمراض سيكولوجياً قبل أن يكون عضوياً.