الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الأسواق بين التفاؤل والتشاؤم

لطالما شعر المستثمرون بالتفاؤل في شهر أبريل، فهو موسم الأرباح الفصلية، والمصنف تاريخياً كأفضل شهور العام بالنسبة لأسواق الأسهم، فعلى مدى ربع قرن، ومؤشر «ستوكس يوروب 600» يسجل مكاسب اعتيادية في أبريل بنسبة 2.3% في المتوسط، والجديد هذه المرة، أن هذه الروح التفاؤلية تغذيها رغبة جامحة في تعويض خسائر أول ربع سنوي منذ الجائحة، بعدما خيم عدم اليقين والتضخم، على شهية الاستحواذ على الأصول الخطرة.

ولكن، لماذا يتفاءل المضاربون بشهر أبريل؟ أعتقد أن السر يكمن في توقيت توزيعات الأرباح، والتي توضح بجلاء طبيعة الأداء الموسمي القوي لهذا الشهر، حيث ينعم المستثمرون خلاله بأرباح أعلى من متوسط شهري مارس ومايو، والتاريخ يخبرنا بأن البورصات كانت تتفاعل بقوة دائماً مع تهديدات المخاطر الجيوسياسية، فإذا كان رأس المال جباناً، فإن سوق الأسهم أشد جبناً، ولهذا تهاوى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» 19.8% بمجرد اندلاع المواجهة الشرسة بين اليابان والولايات المتحدة في عام 1941، وقد احتاجت الأسواق وقتها 300 يوم حتى تتعافي، وفي عام 1990 هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 16.9%، وبقيت الأسواق 189 يوماً رهينة الانتعاش المطلوب.

رغم التقدم العلمي، لا يزال بعض المستثمرين، وخاصة في أوروبا، يبرمون الصفقات بناءً على توجيهات العرافين

والواقع، أن التفاؤل بشهر أبريل، وخاصة بين المستثمرين الأجانب، يشبه حالتهم أيضاً في التشاؤم من رقم 13، فلكلاهما تفاعل نفسي يفتقر إلى المعايير الفنية للسوق، وعلى سبيل المثال، فإن شركة لويدز اللندنية الشهيرة للتأمين البحري كانت ترفض تأمين السفن التي تبحر في أي يوم جمعة يوافق 13 في الشهر، أما البحرية الأمريكية فكانت لا تحرك السفن في ذات التاريخ، بينما لا تستخدم بعض ناطحات السحاب والفنادق الأمريكية الرقم 13 في ترقيم الطوابق، حيث تقفز من الرقم 12 إلى 14، وأحياناً تستبدل 13 بالرقم A12، وفي بعض المستشفيات لا توجد غرفة تحمل الرقم 13، بينما لا ترقمه بعض شركات الطيران على رحلاتها الجوية.

رغم التقدم العلمي، لا يزال بعض المستثمرين، وخاصة في أوروبا، يبرمون الصفقات التجارية وسفرات العمل بناءً على توجيه العرافين، وبعضها يلغى بسبب عدم ارتياح المشعوذين المنتشرين في الغرب كانتشار النار في الهشيم، ورأيهم أحياناً أهم من رأى المدير المسؤول، والحقيقة أن الأرباح لا ترتبط دائماً بذكاء المتداول، بل كذلك بتوقيت جني الأرباح، فالأموال الغبية يتم تداولها خلال أول نصف ساعة من فتح السوق، بينما تتداول الأموال الذكية خلال الساعة الأخيرة قبل الإغلاق، والمستثمر الذكي هو من يقتنص الفرص، ويتكيف مع تقلبات الأسواق.