الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا ومواجهة الدول العربية في ليبيا

تركيا ومواجهة الدول العربية في ليبيا

محمد زاهد غول

منذ بدء الصراع العسكري الأخير في ليبيا بحدود أبريل 2019، والدول العربية تنتقد الدور التركي فيها، وقد عبرت الدول العربية بأكثر من طريقة وتصريح دبلوماسي عن رفضها للموقف التركي من الصراع الدائر في ليبيا بين أطراف ليبية داخلية بالدرجة الأولى، واتخذت جامعة الدول العربية أكثر من موقف مشترك يندد بالتدخل التركي، وكان آخرها التنديد باتخاذ البرلمان التركي قراراً بإرسال قوات تركية إلى ليبيا.

ولكن الحكومة التركية كانت ترد برفض هذه المواقف، ولا يبدو أن أحد الأطراف سعى لإيجاد لقاء بين تركيا وجامعة الدول العربية، أو مع أمينها العام، بهدف إيجاد تفاهم حول قضايا الخلاف في ليبيا وكيفية حلها، وبالأخص أن القضية المختلف عليها هي قضية عربية قبل كل شيء، وفي الوقت نفسه تعترف الحكومة التركية بأن حلها لن يكون عسكرياً بل سياسياً فقط، وأنها ـ أي الحكومة التركية ـ لن ترسل جنودها للقتال في ليبيا، فإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا لا تبذل الحكومة التركية وجامعة الدول العربية جهوداً مشتركة لوضع الحل السياسي على مساره الصحيح، من خلال توصل الأطراف إلى اتفاق وليس بإرسال الجنود ولا بإشعال التوتر بينها؟

إن بيان وزارة الخارجية للملكة العربية السعودية الصادر يوم 5 يناير الجاري، فيه إعراب من المملكة عن رفضها وإدانتها للتصعيد التركي الأخير في الشأن الليبي، وبالأخص بموافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية، معتبرة ذلك انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن ليبيا، وتقويضاً للجهود الأممية الرامية لحل الأزمة الليبية، ومخالفة للموقف العربي الذي تبناه مجلس جامعة الدول العربية بتاريخ 31 ديسمبر 2019.


وبالنظر إلى هذه الحيثيات التي قدمتها الخارجية السعودية فقد كان يمكن البناء عليها وعدم تجاهلها، وبالأخص لما فيها من تحذير بتهديد الأمن والاستقرار في ليبيا، ومن تهديد للأمن العربي والأمن الإقليمي، كون الأوضاع الأمنية في ليبيا شأناً عربياً داخلياً، ولكن الرد التركي لم يناقش هذه الحيثيات، بل جاء تصريح الرئيس التركي في اليوم التالي يقول بـ«عدم انزعاج بلاده من إدانة السعودية لقرار تركيا إرسال قوات إلى ليبيا، ولا نقيم وزناً لإدانتها، بل نحن من ندين إدانتها»، فهذه الردود المتبادلة وإن كانت في مستوى المواجهة السياسية، إلا أنها ليست في مصلحة البلدين ـ تركيا والسعودية ـ أولاً، وليست في مصلحة حل الأزمة الليبية ثانياً، إذ لا يمكن حل الأزمة الليبية دون تقارب المواقف المؤثرة عليها، وفي مقدمتها الموقف السعودي خاصة والمواقف العربية عامة.