الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. صراع بكين وواشنطن القطبي

ربما لم يشعر العالم برمته بثقل أزمة مثلما هو يشعر الآن منذ زمن الحرب العالمية الثانية، ومع الأخذ في عين الاعتبار أنه قبل نحو 8 عقود لم تكن بقاع وأصقاع العالم موصولة كما هي الآن.

بدت كورونا عاملاً مسبباً لإظهار الصراع الجيوسياسي حول العالم، والتشظي القطبي القائم والقادم، لا سيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكلاهما يسعى لأن يتسيد العالم مرة وإلى الأبد.

منذ بدايات الأزمة والاتهامات تتوالى للولايات المتحدة، انطلاقاً من أنها تقف وراء ما جرى في الصين لقطع طريق القطبية عليها.


هذه الاتهامات تعززت مؤخراً حين أشار بعض المسؤولين الصينيين الرسميين إلى أن أمريكا ربما تكون وراء تفشي الفيروس في الصين من خلال أسلحتها البيولوجية وفرقها المنتشرة حول كافة بقاع وأصقاع العالم.


غير أن انتشار الفيروس في داخل أمريكا يضعف من قدرة الصين على اتهام أمريكا، إذ كيف تكون هي السبب وهي من سيدفع ثمناً باهظاً من حياة الأمريكيين من جهة، ومن أوضاع اقتصادها الذي تعرض للتدهور بشكل كبير، ومن غير المصدق أن يُنظر إلى الانهيار الذي ضرب بورصة وول ستريت الأيام القليلة الماضية.

يكاد البحث عن دواء للفيروس، الذي يخشى أن يتطور من تلقاء نفسه، لا يحظى بالاهتمام الذي تحظى به الجدالات السياسية والمنافسات الجيوسياسية بين بكين وواشنطن.

الصينيون يصيبون العالم بمخاوف جراء الشفافية المنقوصة وغير الواضحة، لا سيما إعلانهم عن انتصارهم على الفيروس، ولو بنسبة 70% من أجل حماية المشروع القطبي الصيني، وحتى لو جاء ذلك على حساب انتشار الفيروس حول العالم.

والأمريكيون مهتمون بإظهار أن الصين ليست القطب القادر على قيادة العالم، ذلك أنهم لو كانوا على هذا النحو بالفعل، لما تسرب هذا المرض القاتل من بين أصابعهم إلى بقية أرجاء العالم.

ضمن الاضطرابات الجيوسياسية تظهر أيضاً إشكالية المؤامرة، إذ تمضي أصوات غربية عديدة في إطار القول إن الصين هي من يقف وراء المشهد لكي تطرد المستثمرين الأجانب وتحصل على استثماراتهم بأبخس الأثمان حتى لو ضحت ببضع مئات من سكانها.

لكن هذا القول مردود عليه بالضبط كما أن القول إن أمريكا هي المسبب الرئيس للفيروس يجافي الحقائق المؤكدة، إذ إن أمريكا يلفها اليوم ذعر كبير.

يبدو المشهد الأممي في حاضر أيامنا أقرب ما يكون إلى ركاب قارب صغير وسط المحيط، من حولهم أمواج عاتية، كفيلة بأن تحطم القارب على من فيه، وبدون أي أمل في النجاة، أو الرسو على ميناء الخلاص، ومع ذلك فإن كل جماعة منهم تجدف في اتجاه مخالف لما تقوم به الجماعة الأخرى، ما يعني الغرق المؤكد في نهاية المشهد.

التطورات الدعائية الأخيرة في الصين والقول بالانتصار على فيروس كورونا مثيرة للشكوك، إذ تبدو الصين وكأنها تحاول أن تُظهر نفسها كلاعب دولي في الكفاح ضد الفيروس اللعين، والذي يحتمل أن يكون متأصلاً في أراضيها، وقد أضحى اليوم وباء خطيراً فتاكاً.

أما أمريكا ترامب فقد وجدت في كورونا داعماً ومعضداً لدعوة الانعزالية وعدم السفر خارج أمريكا، لصالح فكرة « أمريكا أولاً»، وعدم الاهتمام ببقية شؤون وشجون العالم، وإعادة بناء الإمبراطورية الأمريكية في الداخل.

التلاعب الجيوسياسي في أوقات الأوبئة لا يفيد، سيدفع الجميع الثمن، وحكماً سوف يكون غالياً وعالياً، ولن يوفر أحد من خسائره.. أما من رجل رشيد فيهم؟