الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

«ولي الندوي».. رحيل رمز العربية

ها هو الموت يغيّب صديقي الجليل البروفيسور الدكتور ولي أختر الندوي أستاذ اللغة العربية في جامعة دلهي، عن عمر يناهز 52 عاماً، فقد توفي يوم الثلاثاء 09 يونيو الجاري.

سقط صديقي ضحية لفيروس كورونا الفتاك، الذي هلك البشر حيث لا يبقي ولا يذر إلا من رحم ربي، لكن عزاءنا قوله تعالى: «كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» (سورة الرحمن ـ الآيتان: 26-27).

نحسب الفقيد ولياً من أولياء الله، فقد أحسسنا من أعماق قلوبنا بأن السماء بكت على موته وبكى عليه خلق كبير من خلق الله الواسع، وانهمرت الدموع من العيون التي رأته وعرفته وتعلقت به فصارت أسيرة لحبه، لقد ملأ الأرجاء نوراً بوجهه الباسم ومحياه النضر وخلقه العظيم، وعلمه الغزيز، وورعه وتقواه، ونزاهته، وترفعه عن الظهور والبروز، وزهده في العيش، وتكريسه نفسه لخدمة اللغة العربية، ونصرته لتلاميذه ومؤازرته لأصدقائه وزملائه، فلقد كان نموذجاً حياً لسلفنا الصالح، ومن حزننا عليه نرثيه بالبيت الآتي من شعرعنترة العبسي:


آه علــــى قلــــبٍ هـــــواه محتَّــــــــــمُ


فـــاض الجــــــوى منــــه صميمـــاً يكتــــمُ

نشهد أنك كنت أفضلنا جميعاً في علمك وفضلك وخلقك وتقواك.. لقد استأثرت بك رحمة الله، وتركتنا في كومة أحزان، ترك غيابك فينا فراغاً غائراً لا يُملأ، ولا نملك سوى الابتهال والتضرع إلى الله ليغفر لك ذنوبك ويحيطك برحمته الواسعة، ويجعل الجنة مثواك.

كان البروفيسور ولي أختر الندوي، رحمه الله، من خيرة أساتذة اللغة العربية الشباب في الجامعات الهندية، وأكثرهم نشاطاً وحيوية، وأكثرهم شعبية بين الطلبة والأساتذة.. ترك مؤلفات قيّمة في طرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، التي كانت ثمرة تجاربه في تدريسه لها في المراحل الجامعية المختلفة في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي، وأهمها: «منهج عملي لتدريس اللغة العربية» (جزءان)، «زرني في وقت آخر يا موت»، و«نذير العظمة» (ترجمة)، و«تيسير الصرف» بالنسختين العربية والإنجليزية، وآخرها كتاب «My Arabic Reader»، كما أسهم في إعداد المقررات الدراسية للغة العربية في كل من المعهد القومي للتعليم المدرسي المفتوح، وجامعة إنديرا غاندي المفتوحة إلى جانب مشاركات واسعة في المؤتمرات الوطنية والعالمية.

لقد خسرت الهند رمزاً كبيراً من رموز الثقافة العربية وصرحاً شامخاً من صروحها، وخسرنا أخاً كريماً، وزميلاً نبيلاً، وصديقاً غالياً، ورجلاً أميناً وصادقاً، وتلك صفات والله قلما تجتمع في شخصية في عصرنا.

رحم الله أبا حماد رحمة واسعة، وغفر له زلاته وجمعه مع الصديقين والشهداء والصالحين.